للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[انتقاد الجوانب السلبية في الحضارة الغربية]

السؤال

يرى بعض الشباب أن انتقاد الحضارة الغربية تخلف، وأن الذي ينتقدها متخلف أو معقد ومتأثر بما يقال من أكاذيب عن الملتزمين، كذلك ما يوجد في المجتمع من نظريات، والمصيبة العظمى جهل الشباب بنعمة الله وفضله عليهم، وجهلهم بعظمة الله وقدرته، فنريد تعليقاً من فضيلتكم يعالج ذلك الأمر.

الجواب

لا يوجد أحد يعجب بالحضارة الغربية إلا إنسان متخلف، نعم يوجد أناس لا يزالون -والعياذ بالله- مفتونين بالحضارة الغربية لدرجة أن شاباً درس في فرنسا سنوات، فلما رجع إلى أهله في القرية وكان عندهم نخل ودجاج وبط وطيور قال: حتى الآن دجاجكم يقوقي؟! سبحان الله على شان أنك درست في فرنسا تريد الدجاج يدرس في السربون ويتكلم فرنسي؟ طبعاً الدجاج منذ أن خلق الله آدم إلى يومنا هذا وهو يقوقي، هل سمعت بدجاج تطور فأصبح ينبح؟! غريبة والله! درس في بريطانيا ودرس في فرنسا وجاء ينكر على الدجاج البقبقة هذه! فمصيبة بعض المنهزمين أنه لا يرغب في شيء من مجتمعه أبداً، حتى بعضهم جاء وأول شيء حط له ماسة وكرسي يأكل عليها، لم يعد يريد أن يجلس بجانب أبيه وأمه يأكلون على الأرض إن اليابان التي وصلت قمة الرقي في عالم الإلكترونيات والاتصالات لا يزال اليابانيون يأكلون بالطريقة التقليدية، طريقة متعبة: يجلس الواحد على ركبته ويجلس هكذا، يمد ساقه والركبة هكذا والفخذ والجسم كله واقف ويأكلون بهذه الطريقة بالخشبتين، ما تركوا الخشبة التي يأكلون بها، وبعض شبابنا إذا دخل مطعماً يستحي أن يأكل بيده، ولذلك يضطر يأخذ الشوكة ويضغط في الزيتونة تروح هناك، ثم يرجعها مرة ثانية يطعنها فتروح هناك، أخيراً يضطر يمسكها ويضربها هكذا ثم يدخلها فمه، ولهذا ليس بيننا وبين أن نصنع طائرة، وليس بيننا وبين أن نصنع مفاعلاً نووياً، وليس بيننا وبين أن يوجد عندنا قنبلة نووية نهدد بها العالم كما يهددوننا إلا أن نلبس بنطلوناً وقميصاً وكرفتة، وليس بيننا وبين أن نسابق على التسلح الذري وحرب النجوم إلا أن نضع هتفون ونسمع الدسكو في الأذان، وليس بيننا وبين أن ننافس على عالم الاتصالات إلا أن نضع الدش ونستقبل البث وبعد ذلك نصل إلى قمة الحضارة! مصيبتنا أننا استوردنا أخس ما عند الغرب، وقل فينا من استفاد من أفضل ما عند الغرب، ولذلك الآن أغلب الذين سافروا إلى الغرب لو أن كل شباب المسلمين والعرب الذي سافروا إلى الغرب رجعوا مخترعين، صناع قنابل نووية، صناع متفجرات، وأسلحة، وقاذفات، وراجمات، ومخترعين في عالم الإلكترونيات والاتصالات لأصبح عندنا ثورة صناعية نهدد بها الغرب كما يهدوننا لكن للأسف نعود بشهادات كرتونية اسمه فلان بن فلان، يحمل كذا في التخصص النووي أو يحمل كذا في التخصص الإلكتروني ولو يخرب الراديو ما يعرف يصلحه، ولو تريده أن يعطينا مفاعلاً نووياً ما صلح، نريده أن يطور لنا سلاحاً لكي يصبح من أسلحة الدمار الخطيرة ما عرف.

الأمة الإسلامية يا إخوان بحاجة إلى أن تدخل في النادي النووي الذري، هناك نادٍ اسمه نادي النواة أو نادي الذر، ما معنى النادي النووي الذري؟ يعني أي دولة تملك قنبلة نووية تهدد بالسلاح الذي تهدد به، وقديماً كانت روسيا وأمريكا كل منها يملك عشرات الآلاف من الرءوس النووية التي لو أطلقت إحداها على الأخرى عشرة لانطلق في الاتجاه المضاد ما يكفي لدمار العالم، كان الروس يعلمون أنهم لو أطلقوا من بعض الجمهوريات الإسلامية حالياً -التي كانت تحت الاتحاد السوفيتي - بعض الرءوس النووية لكان الرد من نيويورك أو من واشنطن أو من بعض مناطق الصواريخ أو منصات الصواريخ الأمريكية كافياً لدمار الدولتين، ولذلك ما الفائدة من أن تطلق روسيا سلاحاً النتيجة الطبيعية أن تطلق أمريكا في المقابل سلاحاً مثله فتنتهي الدولتان؟ فكانت كل دولة تحترم الدولة الثانية ولا تتجرأ عليها أبداً لأنها تعرف لو قهرتها بالذرة تلك تقابلها بالذرة، لو فجرت فيها قنبلة نووية تلك تقابلها، ولذلك لماذا الضجة على باكستان؟ لماذا الضجة على المفاعل النووي الإسلامي الباكستاني؟ لماذا؟ قنبلة إسلامية يمكن يوماً ما تفجر في اتجاه أوروبا أو أمريكا.

إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تملك القنبلة النووية في منطقة الشرق الأوسط، وتسمى منطقة الشرق الأوسط تباعاً للتسمية الغربية وإلا هي منطقة فلسطين، أرض الآباء والأجداد، مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن قالوا يقول الغرب: نحن لو قلنا فلسطين لكنا معترفين بأننا اغتصبنا الأرض من المسلمين وبهذا نعيد لهم الرجوع والأماني في استردادها، وتسمى -أيضاً- بمنطقة الشرق الأوسط حتى تكون تسمية متوازنة لا تحرج أبداً، لا فيها اعتراف بحق للمسلمين ولا فيها إحراج للآخرين، والآن أصبحت بعض الدول تسميها إسرائيل صراحة، وعلى أية حال سيأتي ذلك اليوم الذي ترد فيه فلسطين.

يقول أحد المفكرين: كنت ذات يوم أستمع إلى صوت تل أبيب من إسرائيل أو من فلسطين، يقول: كان السائل مسلماً ويقول لمدير البرنامج اليهودي الإسرائيلي: يقول: قلت له: اعلم أننا في ديننا حديثاً يقول: (تقاتلون يهود فتنتصرون عليهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم ورائي يهودي تعال فاقتله) فبماذا رد المذيع؟ قال: أولاً: أنا لست من خبراء الأديان، ثانياً: لا أعرف صحة هذا الحديث الذي تقول، ثالثاً: لو قدرت صحة هذا الحديث فلسنا نحن اليهود الذين نقاتل ولستم المسلمين الذين يقاتلوننا؛ لأن المسلمين الذين يقاتلوننا سيكونون مسلمين من نوع آخر، مسلمين همهم الإسلام، قضيتهم الإسلام، الإسلام في عقولهم وأسماعهم وأبصارهم ليل نهار.

فقضية الذين لا زالوا مولعين بالغرب بماذا يولع بعضهم؟ تجده مولعاً بالصرف الإلكتروني، بالخدمات الفندقية، بالريمونت كنترول، بالفيديو، بأشياء من قصور الحضارة، بكماليات تافهة لا تقدم ولا تؤخر، حتى التقنية ربما بعضنا اشتراها ولم يعرف يستخدمها، نحن في تخلف علمي عجيب وغريب جداً، ونسأل ونقول: أين الخلل؟ العالم يتجه إلى تطوير مناهج تعليمه، ونحن نحتاج إلى أن نطور مناهج تعليمنا حتى تكون عقول أبنائنا وبناتنا مواكبة لآخر ما وصل إليه العالم في شأن العلوم والتقنية والصناعة.

أما أن نقول للذين يحتقرون الحضيرة الغربية متخلفين، وأنت يا حبيبي ماذا قدمت أيها المطور المتقدم؟ ماذا قدمت يا صاحب الذرة؟ لا ذرة ولا شيء مثل ما قال أحدهم، فمرة كنا في نادي الهلال في محاضرة قدمت فيها للشيخ عائض القرني، فجاء سؤال للشيخ عائض، يقول السائل: يا شيخ أنتم منذ سنين وأنتم تتكلمون عن صحيح البخاري وفتح الباري والروض المربع وما صعدتم القمر.

فقال له الشيخ عائض: وأنت لا صعدت القمر ولا قرأت صحيح البخاري.

يعني: هؤلاء الذين ينتقدون المتدينين على الأقل المتدين قد حصل دينه، أما هذا الذي ينتقد المتدين فلا دنيا ولا دين، لا صناعة ولا علم، لا شريعة ولا تقنية، لا اتصالات ولا أصول فقه.

فهذه عقدة ينبغي أن تزول من كثير من الذين لا زالوا معجبين بالغرب، لكن مثل ما قال بعضهم، سأله واحد من هؤلاء المعجبين بالغرب قالوا له: ما هي مؤهلاتك يا شاطر؟ قال: أنا والله معي سادسة ابتدائي وأعرف واحد في أمريكا هذه المؤهلات.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

ولا أود أن تقولوا جاء الشيخ فأخذ وقت المحاضرة إلى المغرب، ثم جاء يتحدث بعد العشاء، ولولا ما سحبنا منه الميكرفون ما سكت، يا ليته سكت لا، نحن نسكت قبل أن تقولوا هذا، وكان صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة، المهم أن نطبق ما سمعناه.

أسأل الله أن يسعدكم وأن يوفقكم وأن يصلح ذرياتكم، وأن يجعل أولادكم وبناتكم قرة أعين لكم، وأن يملأ قلوبكم سعادة وحبوراً وفرحاً وطمأنينة، وأن يتوفانا وإياكم على طاعته إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.