للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نداء إلى الآباء أن يحرصوا على أبنائهم]

وأوجه ختاماًَ نداءً للآباء، فإن بعض الآباء -سامحهم الله- يضيقون على أبنائهم.

ليلة من ليالي عَشْرِ رمضانَ الأخيرةِ، وقبيل السحور، جاءني رجل من إخواني في الله أحبه وأعرفه.

قلت له: مَن هذا الشاب؟ قال: فلان بن فلان الفلاني.

قلت: تعرفه.

قال: لا والله، وجدتُه في الشارع في ليلة مطيرة -وتذكرون ليالي العشر الأخيرة كانت أمطار- يقول: فركَّبْتُه معي، قلت له: أين تريد؟ قال: أريد مسجد أم الحمام، فقلت له: لماذا؟ قال: يا أخي! أبي طردني من البيت، سامحه الله! سامحه الله! ننظر في وجه الشاب، عليه سيما الخير والصلاح.

تعال يا حبيبي، لماذا أنت هكذا؟ لماذا طردك والدُك؟ قال: يا أخي! إذا أردتُ أن أخرج قال: انتبه! لا تمش مع (المَطاوِعة) انتبه! لا يفعلون بك، انتبه! الا يزينون لك، انتبه! انتبه! إلى آخره، قال: فإذا حصل أن زارنا أحد الضيوف وعنده خطأ من الأخطاء، فنصحتُه قام أبي وطردني، وفي يوم من الأيام غضب عليَّ وبالذات في الليلة الأخيرة، كان عندنا ضيوف، وكلمت أحد الضيوف بنصيحة، وطردني أبي، كله غضباً مني، ولا يريد زملائي أهل الخير يأتون إليَّ، ولا يريدني أن أذهب إلى زملائي.

قلتُ له: انظر يا أخي الحبيب! أنت أخطأت أن تنصح ضيوف والدك في بيتكم، أخطأتَ أن تنصح ضيوف والدك في البيت هذا خطأ، اصبر حتى يخرج الضيف، تعرف على بيته، تزوره يوماً من الأيام، تسلم عليه، وتقبل رأسه، وتقول: أنت صديق والدي، ووالله إنه شرف لي أن أزور صديق والدي؛ ولكن من كلام الشيخ/ ابن باز، أو كلام الشيخ/ ابن عثيمين، إن الكلمة التي ذكرتها ذلك اليوم خطأ أو مخالفة للسنة، وهذا كتاب يبين الصواب، أو هذا شريط يبين لك الهدى والحق، وجزاك الله خير الجزاء، والسلام عليكم ورحمة الله.

هذا هو الأسلوب النافع.

وليس أن تقعد تنصح الناس في مجلس أبيك وعلى ضيافة أبيك، هذا خطأ.

قلنا له هذا الكلام، وليس من حق الدعاة مجرد التعاطف والحمية مع كل مَن تديَّن، لا.

إذا أخطأ المتدين يقال: أخطأتَ؛ ولكن لا نتحامل عليه.

لنتذكر أن ذلك المتديِّن الذي أخطأ ما وقف يفحط بسيارته عند مدارس البنات.

لنتذكر أن ذلك المتديَّن ما وقف يؤذي الناس في عوراتهم في الأسواق.

لنتذكر أنه ما عاكسهم بالهاتف.

لنتذكر أنه ما آذاهم في غش أو سرقة أو اختلاس.

إذاً:

وإذا الحبيب أتى بذنب واحدٍِ جاءت محاسنه بكل شفيعِ

و (إن الماء إذا بلغ القلتين لم يحمل الخَبَث).

إذا كثرت محاسن الرجل وأخطأ خطأً واحداً، نقول: أخطأتَ في هذا وعفا الله عنك؛ ولكن هذا لا يلغي خيرك، وما عندك.

أظن أنني أطلتُ، والحديث ذو شجون.

فأسأل الله أن نجتمع بكم مرة أخرى إما في الفيظة، وإما في مكان آخر، نسأل الله جلَّ وعَلا أن يكون قريباً.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ونسمع شيئاً من الأسئلة.