للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المصائب والمحن تدفع إلى محاسبة النفس]

أيها الإخوة: إن المصائب والمحن مدارس تفتح للعبد مع نفسه كتاب المحاسبة والمناقشة، إذ لو تأملنا في كثير من أحوالنا، وما يحل بنا من المصائب والآلام، لوجدناه بسبب أنفسنا وبما جرحته أيدينا، ومع ذلك يثيبنا الله على الصبر والرضا به، يقول الله جل وعلا: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى:٣٠] فمن حلت به المصيبة وحاسب نفسه، لا بد أنه سيجد تفريطاً وتقصيراً في جنب الله، قد يستوجب مصيبة أو بلية توقظ من الغفلة في سبات المعصية، وتكون سبباً في التوبة والرجوع، والقصد والإنابة إلى الله جل وعلا، وما أكثر الغافلين السادرين في لهوهم وغفلتهم، يسمعون الوعظ والخطب والآيات والأحاديث، فلا تحدث في قلوبهم أي شعور بالندم، أو أي عزم على التوبة، ولكنهم تابوا وأنابوا واستيقظوا بمصيبة قدرها الله على الواحد منهم، فكانت كالهزة العنيفة الموقظة لسكير الغفلة والشهوة.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران:١٦٥].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم الجليل الكريم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.