للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة وتوجيه]

يا أيها الأخ الحبيب! لا تتوار عن القوم، وأنت تعلم أنك تدخل سماً زُعافاً إلى بيتك وإلى أولادك وأهلك، ولا تخادع نفسك.

يا أيها الأخ الحبيب! بادِر بإخراجه قبل أن يكون تركةً تورَث بعدك، فيقال: مات فلان، وخلف دُشَّين أو طبقين.

إن من المضحكات المبكيات، وما سمعناه، وما تأكدنا منه: أن رجلاً قد ملأ بيته بسبعة دشوش، بسبعة أطباق، كل واحد منها يجلب ألواناً وأنواعاً من هذه القنوات، فلما ضاقت السطوح بهذه الدشوش، طلب من جيرانه أن يسعفوه، بأن يُسْلِفوه سطحهم أو يؤجروه، لماذا؟ لكي يضع فيه مزيداً من الأطباق.

يا خيبة هذه العقول! ويا خسارة عقول هؤلاء الذين لا يجدون فيها مجالاً أو مسرحاً أو ميداناً، إلا وترتع فيه هذه القنوات بسُمِّها، وفسادها، وخرابها، ومن ثم ينتقل إلى أولادهم.

إننا لتدمى قلوبنا، وتتقرح أكبادنا حينما نسمع أن فلاناً بن فلان مات، وترك في بيته ثلاثة أطباق أو أربعة أطباق، هلك هالك عن زوجة وأولاد، وماذا ترك لهم؟ ترك دُشَّين أو ثلاثة، وترك مستقبِلات، وترك أسهماً وأموالاً، ذلك أمر مخزٍ أن تموت وقد تركتَ هذا.

وخير لك أن تموت، وقد حجبت هذا الطبق عن بيتك ليُقال: هلك فلان عن ولد صالح، وصدقة جارية، وعلم يُنتفع به، هذا خير ما تموت عنه.

أيها الأحبة! وثمة أخطار! وثمة أضرار بهذه المستقبِلات! وهذه الأطباق في الجوانب الأمنية، وفي الجوانب الاجتماعية، وفي الجوانب التربوية، وفي الجوانب التعليمية، تكون موضوعاً لخطبة الجمعة القادمة.

أسأل الله عزَّ وجلَّ بمنه وكرمه أن يهدي من وضعها لإخراجها عاجلاًَ غير آجل.

اللهم اهدِ من وضعها، واشرح قلوبهم، وافتح على أفئدتهم بأن يتبصروا عِظَم الخطر الذي يوجد في منازلهم ليخرجوها عاجلاً غير آجل.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى حق التقوى، تمسكوا بشريعة الإسلام، وعضوا بالنواجذ على العروة الوثقى، اعلموا أن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة في الدين ضلالة، وكل ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين فإن يد الله مع الجماعة، ومن شذ شذ في النار، عياذاً بالله من ذلك.

أيها الأحبة في الله! انظروا أنفسكم وناصحوا جيرانكم وأقاربكم، وبينوا لهم خطر هذا الأمر، خطره في الدين، وخطره في الدنيا، خطره على الزوجات، وخطره على الأولاد والبنات، خطره في كل جانب، وفي كل مجال وميدان، وما ضر الناس إذا غابت هذه الأجهزة عن بيوتهم؟! بل كثير من الناس لا يوجد في بيوتهم تلفاز أيضاً، ومع ذلك يأكلون ويمشون في الأسواق، وأولادهم يدرسون ويتخرجون وينافسون وينالون أعلى الأوسمة والدرجات والشهادات، لا كما يظنه البعض أن بيتاً لا يوجد فيه طبق فإن أهله يبقون متخلفين، تلك كلمة أو مصيبة أصبح البعض ينهزم أمامها لما يقوله بعض من ينتسبون إلى الثقافة، فيقول: إن بيتاً ليس فيه آلة، أو ليس فيه جهاز يطلع أهل البيت على واقع العالم من حوله يبقى بيتاً متخلفاً، وتبقى شخصيات أهله ناقصة.

وهل هذا البيت سيحكم العالم؟ وهل هذا البيت سيربط العلاقات الخارجية والسياسات الدولية؟ وهل هذا البيت سوف يعقد اتفاقيات الجات؟ وهل هذا البيت سوف يعقد صفقات عالمية؟ أو يدخل في ترسيم حدود حتى يضطر إلى مثل هذه الأجهزة؟ لا والله؛ لكنها دعاوى؛ لكنها مداخل يدخل فيها الشيطان على كثير من الناس، حتى يتزين بها في بعض المجالس، فيقول: رأيتُ في القناة الفلانية ذلك البرنامج الذي قيل فيه، ورأيتُ البرنامج الفلاني في القناة الفلانية ذلك البرنامج الذي يقال فيه، وخير لك أن تقول: غضضتُ بصري عن كل شر، وحميت سمعي عن كل لفظ، وأسلمتُ قلبي لله رب العالمين، لا شريك له.