للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تواضعه صلى الله عليه وسلم في نقله التراب يوم الخندق]

ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه لما كان يوم الأحزاب قام صلى الله عليه وسلم ينقل التراب مع الصحابة، قال أبو إسحاق: سمعت البراء يقول: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معنا التراب، ولقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا إن الألى قد بغوا علينا

وربما قال:

إن الملأ قد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبينا

يرفع بها صوته) وفي رواية عن البراء بن عازب قال: [رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو يحمل التراب].

كان بوسعه صلى الله عليه وسلم أن يصدر الأوامر ألا تغيب الشمس إلا وقد حفر الخندق، كان بوسعه صلى الله عليه وسلم أن يدور عليهم ويأمر هذا ويزجر هذا وينهى هذا، لكنه صلى الله عليه وسلم يحفر كما يحفرون، ويحمل التراب كما يحملون، وذلك لأن هذه المشاركة تفجر طاقات الحب، والولاء، وتفجر طاقات الاستجابة، وتجعل النفوس متعلقة بإمامها وقائدها وحبيبها صلى الله عليه وسلم، يعلمهم التواضع بهذا، حتى إذا كانوا قادة في المستقبل ما تأمروا وما تجبروا وما تسلطوا، وإنما شاركوا وعملوا ورحموا وتداركوا، وما بغوا وما ظلموا ولا يظلمون.