للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر القرآن على المرأة أن تكون داعية إلى الله]

ثالثاً: أثر القرآن علينا أو على الفتاة المسلمة أن تكون بما آمنت وعملت داعية إلى ذلك، فإن المسلم الثمرة الطبيعية له أن يكون مؤمناً عاملاً داعياً إلى ما يعمل به.

انظروا الثمرة الطبيعية التي كانت للصحابة والصحابيات، مجرد أن الصحابية تؤمن بالله جل وعلا تذهب إلى جاراتها وصويحباتها هل سمعتن ما جاء به هذا النبي الذي قدم من عند قريش؟ ويقول: كذا وكذا تدعوهن بأسلوب لبقٍ لطيف، حتى ربما جاءت المرأة ببعض النساء يبايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي يبايعهن ولا يصافحهن: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [الممتحنة:١٢] فكانت المرأة بأثرها ودعوتها تؤثر على غيرها؛ فتؤمن بقية النساء ويصبحن من الصحابيات ويجئن لبيعة النبي صلى الله عليه وسلم.

وكذلك الصحابي أبو بكر لما آمن، أعتق بلالاً ودعا أبا عبيدة عامر بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، أي: أنه أثر على قومٍ ودعاهم، وكانت هذه هي الثمرة الطبيعية للإيمان.

فنحن نقول: أثر القرآن علينا أن نؤمن بالله كما يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، وأثر القرآن علينا أن نعمل بما آمنا به، وأثر القرآن علينا أن ندعو الناس، ومن النادر أن تجد بعض المسلمات تدعو صويحباتها لاستماع شريط، أو لقراءة زاوية عن المرأة المسلمة في مجلة من المجلات، أو لمناقشة وضع من الأوضاع المعينة، أو لترتيب زيارة أو دورية أسبوعية بين الجارات يقرأ فيها القرآن، وتفسر فيها آية، ويقرأ فيها حديث وتعرف أحكامه، وتتبادل فيها الأخبار والمعلومات، والأكلات والمشروبات الطيبات لا حرج في ذلك؛ لأن الواحدة مع الأسف أو كثير من أخواتنا إن وجدنا أنها التزمت واستقامت لربما منت علينا وقالت: احمدوا الله، غيري في جمعية كذا، وغيري في النادي الرياضي، وغيري في المسبح الفلاني، وغيري وغيري {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} [الحجرات:١٧].

فينبغي للفتاة المسلمة ألا تنظر إلى من هي أسوأ منها، وتقارن نفسها بها، أيضاً السيئة ربما قارنت نفسها بالكافرة، وربما قارنت نفسها بالزانية، ربما قارنت نفسها بالفاجرة ولا حول ولا قوة إلا بالله! فأثر القرآن على الفتاة المسلمة أن تكون داعية، وهذه الدعوة لا نريدها أن تضيع زوجها، ولا تكتب له ورقة: زوجي العزيز! أنا مشغولة بالدعوة، تنام الليلة لوحدك، لن أعود إليك، اشتر طعاماً من المطعم لن أرجع إليك، لا.

لكن نقول: ليس الرجل كالمرأة لا شك، لا في تكوينه وتركيبه وعمله ومهماته ومسئولياته، لكن نريد منها أن تجعل من كل أسبوع ولو ساعة أو ساعتين أو في أيامٍ مختلفة للدعوة إلى الله جل وعلا.

تدعو صويحباتها وقريباتها، ثم تحضر مسابقة ثقافية طيبة، فيها الابتسامة والمرح، وفيها السعادة والسرور بعيداً عن الرقص والطبل، والبردة، والموضة، والأزياء، والكلام الذي وقع فيه كثير من النساء في هذا الزمن، والله إننا نسمع عن بعض البيوت إذا اجتمع النساء أحضرن شريط ورقص وفعلن حلقة، وأصبحت إحداهن ترقص وسط الحلقة، ألهذا خلقت المسلمة؟ {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:٨ - ١٠] المرأة جعل الله لها لساناً وعينين وشفتين، وهداها النجدين من أجل أن ترقص وسط الحلقة؟! {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:٤] سواء كان ذكراً أم أنثى، خلقت في أحسن تقويم لأجل أن تتابع مجلات الأزياء؟! ولقد كرمنا بني آدم من الرجال والنساء والذكور والإناث من أجل أن يصبحوا يتابعوا أخبار قصور الأفراح والولائم والحفلات بآخر الموديلات وآخر ما نزل؟ أستغفر الله لا ينبغي أن يكون هذا من فتاة مسلمة.

فأثر القرآن على المسلمة الاستجابة والالتزام والدعوة إلى هذا الالتزام بكل ما أوتيت؛ بالهدية والشريط، والكلمة والزيارة واللقاء، وإن هذه المدرسة التي نحن فيها اليوم لهي ثمرة من ثمرات القرآن بإذن الله جل وعلا، القرآن أمرنا بهذا: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢] فهذا من التعاون على البر، وهذا من التواصي بالحق والصبر على ذلك، فياليت أخواتنا يعملن لمثل هذا الدور، ويحرصن على ذلك، وتؤسس كل واحدة منهن كما تفضل المقدم يعني: لو أن كل فتاة اجتمعت مع صويحباتها، وكل واحدة نقلت رغبتها مع زوجها.

والله لا أكتمكن سراً: عندنا في الحي برنامج دعوي، وهو عبارة عن جلسة أسبوعية يجتمع فيها الجيران، ونبحث أمور الحي، نرسل لكل بيت شريطاً وكتاباً، هذا في كل خمسة عشر يوماً، وربما أقمنا ندوة، والثلاثاء القادم عندنا ندوة بعنوان: (أطفال الحي من المسئول عنهم) وهذا النشاط بأكمله له الآن ستة أشهر، أتدرون من السبب فيه؟ فتاة اتصلت بأحد الإخوة وقالت: لماذا لا يكون لكم دور في الحي؟ لماذا نحن معاشر البنات والنساء والزوجات مالنا فائدة منكم في الحي ولا يستفيد منكم إلا الرجال؟ فبدأنا نرتب لهذا الموضوع حتى هدانا الله جل وعلا إلى هذه النتيجة التي أصبح من شأنها أن يصل كل بيتٍ من بيوت الحارة شريط إسلامي، وكتيب إسلامي، ونصيحة إسلامية، وربما واحدة منهن أرسلت بمشكلتها مع ولدها تشكو من زوجها، أو تشكو من أخيها، فربما اتصلنا بالزوج، وربما ناقشنا القضية، أو امرأة فارقها زوجها في لحظة غضب تدخل فيها الأهل وسببوا مزيداً من الفرقة، والفتاة تتمنى أن تعود لزوجها، فنتدخل بطريقة أو بأخرى لإصلاح ذات البين ورجوعها إلى بيت زوجها، وعودة الأطفال إلى المحضن الطبيعي بينهم.

فأقول: إن العمل من ثمرات القرآن الكريم، وهذه المدارس والعناية بها، واجتماع الأخوات فيها، واستغلالها إلى جانب القرآن الكريم بتبادل أمورٍ نافعة، يعني: ما يمنع أن تأتي الأخت بشريطٍ إسلاميٍ نافع، فيحصل تبادل الأشرطة النافعة، والكتيبات النافعة، التواصي بالردود، يعني: منذ مدة قرأت مقالاً في أحد الجرائد تقول فيه فتاة: أيتها الفتاة! ينبغي أن تدخلي غمار الطب ولا تسمعي للذين يقولون: إن في الطب اختلاطاً، وينبغي أن تخوضي هذا المضمار ولا تكوني هيابة خوافة، وعليك بالإقدام وو إلخ، وإن الاختلاط في هذا المجال ليس كالاختلاط الممنوع، بل هو اختلاط الشرف والمهنة وو إلخ، عجيب جداً! حتى اختلاط الطب هل يختلط الرجال مع النساء والممرضين مع الممرضات لشرح البخاري أو تخريج أحاديث مسلم؟! ليس بصحيح هذا، لكن أين الفتاة المسلمة؟! لكن حينما تأتي الفتاة بقصاصة الورق وتعرضها على زميلتها وتقول: ما دامت هذه عاهرة أو فاجرة كتبت فنحن نكتب خمسين رسالة ونرد عليها، ونكتب في أكثر من مجلة وجريدة في (الدعوة) في (المسلمون) في (الاعتصام) في (الرياض) في (الجزيرة) يعني: يا حبذا أن ينشر الرد في نفس المكان الذي ورد فيه الخطر، لكن إذا تعذر ذلك فإنه ينشر الرد في أي جريدة أو في أي مجلة من المجلات الإسلامية، فهذا أمرٌ مطلوبٌ مرغوب، وهذا من ثمار القرآن أن نعمل بما علمنا.