للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نصيحة إلى كل شاب غافل]

ثالثاً: أيها الأحبة في الله! أيها الشاب الذي سمع كثيراً عن الملتزمين والمتدينين والصالحين، هؤلاء هم إخوانك تسمع منهم الآية فيخبتوا ويخضعوا ويخشعوا لسماعها، ويسمعون الحديث فيستنبطون فوائده ومسائله، وتسمع منهم الكلمة الطيبة وترى في مُحيَّاهم علامات البشر والسماحة، وترى البسمات المنطلقات بكل تواضع ولين ومحبة في الله ولله: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق).

وإلى ذلك الشاب الذي أعرض ونأى بجانبه، إلى ذلك الشاب الذي قيل له: تعال فاسمع محاضرة قال: لا حاجة لي بهؤلاء المعقدين والموسوسين.

إلى ذلك الشاب الذي قيل له: تعال واسمع نصيحة واحضر مجلساً واقرأ كتاباً واكتب كلمة نافعة، قال: إني عنهم مشغول، ويدعي أنه في شغلٍ أهم من شغل الآخرة.

أيا من يدعي الفهم إلى كم يا أخا الوهم تعبي الذنب والذم وتخطي الخطأ الجم

أما بان لك العيب أما أنذرك الشيب وما في نصحه ريب ولا سمعك قد صم

أما نادى بك الموت أما أسمعك الصوت أما تخشى من الفوت فتحتاط وتهتم

فكم تسدر في السهو وتختال من الزهو وتَنْصَبُّ إلى اللهو كأن الموت ما عم

وحتى مَ تجافيك وإبطاء تلافيك طباعاً جمعت فيك عيوباً شملها انضم

إذا أسخطت مولاك فما تقلقُ من ذاك وإن أخفق مسعاك تلظيت من الهم

وإن لاح لك النقش من الأصفر تهتش وإن مر بك النعش تغاممت ولا غم

تعاصي الناصح البر وتعتاص وتزور وتنقاد لمن غر ومن مان ومن نم

وتسعى في هوى النفس وتحتال على الفلس وتنسى ظلمة الرمس ولا تذكر ما ثم

ولو لاحظك الحظ لما طاح بك اللحظ ولا كنت إذا الوعظ جلا الأحزان تغتم

ستذري الدم لا الدمع إذا عاينت لا جمع يقي في عرصة الجمع ولا خال ولا عم

كأني بك تنحط إلى اللحد وتنغط وقد أسلمك الرهط إلى أضيق من سم

هناك الجسم ممدود ليستأكله الدود إلى أن ينخر العود ويمسي العظم قد رم

ومن بعد فلا بد من العرض إذا اعتد صراطٌ جسره مد على النار لمن أم

فكم من مرشدٍ ضل ومن ذي عزة ذل وكم من عالمٍ زل وقال الخطب قد طم

فبادر أيها الغمر لما يحلو به المر فقد كاد يهي العمر وما أقلعت عن ذم

ولا تركن إلى الدهر وإن لان وإن سر فتلفى كمن اغتر بأفعى تنفث السم

وخفض من تراقيك فإن الموت لاقيك وسارٍ في تراقيك وما ينكل إن هم

وجانب صعر الخد إذا ساعدك الجد وزم اللفظ إن ند فما أسعد من زم

ونفس عن أخي البث وصدقه إذا نث ورم العمل الرث فقد أفلح من رم

ورش من ريشه انحص بما عم وما خص ولا تأس على النقص ولا تحرص على اللم

وعاد الخلق الرذل وعود كفك البذل ولا تستمع العذل ونزهها عن الضم

وزود نفسك الخير ودع ما يعقب الضير وهيئ ركب السير وخف من لجة اليم

بذا أوصيك يا صاح وقد بحت كمن باح فطوبى لفتى راح بآدابي يأتم

أيها الشاب: لم تسمع في مجالس الخير إلا من هذه النصائح والمواعظ والفوائد.

المواعظ سياط القلوب تناديك لتخرجك من غفلة السادرين، ولتوقظك من سبات النائمين، فما الذي يحول بينك وبين التوبة، وما الذي يمنعك من الهداية، وما الذي يردك عن الاستجابة، وما الذي يردك أن تعود إلى الله فتنقلب إلى أهلك ضاحكاً مسروراً فرحاً بتوبتك، وتروح إلى ملاهيك وأشرطتك وما عندك من أمور اللهو فتنقض عليها جذاذاً ولا تدع منها شيئاً أبداً؛ توبة وعوداً ورجوعاً إلى الله جل وعلا.