للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[بداية الوقوع في هذا الانحراف]

معاشر الأحبة: لا شك أن الكثير منكم سمع بهذه المشكلة، وقد يكون البعض ممن طاله الأذى، والناس في هذا بين مستقل ومستكثر وقد يلجأ البعض إلى إبعاد الهاتف من منزله طلباً للسلامة من هذا ثم يغلق على نفسه باباً من أسباب الراحة في الاتصال، وهذا ليس بحل جذري ناجح، بل الحل وصواب القول في هذه المشكلة يبدأ من المسئول عن الأسرة أباً كان أو أخاً أو ولياً ليجلس مع فتياته في بيته، وليبين لهن أن هذه المشكلة تبدأ من حب إشباع فضول النفس والانسياق مع رغباتها قليلاً؛ مما يجعل البنت لا تمانع الاستمرار في حديث هاتفي قصده المعاكسة، ومادته الحب العفن الذي تعلمه صاحبه من الأفلام والمسلسلات.

وكثيراً ما حدث لبعض الفتيات أن تبدي رغبتها في قطع هذا الحديث الهاتفي طالما أن المتصل أو أن الاتصال لا طائل من ورائه، ولا علاقة لهذا المتصل بالأسرة، فترونه يعاود الاتصال مرة وأخرى متوجلاً تلك الفتاة أن تكلمه وأن تسمع له ولو قليلاً ليقص عليها مشكلة خاصة أو ليبدي لها مشاعر كاذبة دنيئة لتقع في شباك علاقة هاتفية معه، وبعد مدة يسيرة لا يتردد في إبداء رغبته بمراسلتها وإعجابه بأفكارها وآرائها، وبهذا يكون قد سجل عبر جهاز التسجيل مكالمات هاتفية معها، وعبر رسائلها التي بخط يدها يكون في حوزته وثائق يهدد بها تلك البنت المسكينة حينما ترفض الخروج معه أو مواعدته خارج المنزل في السوق أو في أي مكان آخر.

وقد تكون تلك الفتاة غبية لدرجة تجعلها توافق على الخروج أو المقابلة خوفاً من التهديد لها بوسائل المواصلات وأشرطة الاتصال، وبعد ذلك تقع المسكينة في فخ الجريمة والفاحشة، وإن لم يكن ذلك فعلى أقل الأحوال أن يكون قد عبث بمشاعرها أياماً وليالي فتعيش مضطربة قلقة خوفاً من سوء مصير ما وقعت فيه.

بداية هذا الأمر جرس رنان مكالمة لطيفة أو صوت فيه تكسر وحسرة! وبعد أن نعلم فتياتنا هذا الدرس وأن المشكلة تقع من شباب عابثين لاهين ليسوا بأهل للأمانة والمسئولية مهما ألانوا القول وبذلوا الوعود بإنهاء حسم البداية الهاتفية بالزواج؛ لا سيما وأن كثيراً من العابثين يظهر لتلك المسكينة التي يخاطبها أنه من أسرة غنية، وقد يستعير سيارة أو يستأجرها لترى صدق ما يقول، وقد يكذب في مستوى وظيفته أو تعليمه ويدعي بما هو ليس بأهل له.

ثم إذا جاء وخطب البنت من أهلها وتحقق وليها بأنه ليس بكفء لابنته أو أخته ثم رده رداً جميلاً، انقلب صارخاً في وجهه: إني أحبها وهي تحبني، وبيني وبينها مكالمات ومراسلات، والوثائق موجودة بخط يدها، وأشرطة التسجيل بين يديك إن شئت أن تسمع صوتها وبعد ذلك يضطر الولي لتزويجها منه ليستر نفسه من هذه الفضيحة وخشية من العار، ثم تدفع تلك المسكينة ثمن جرأتها على الأدب والحياء وتعاليم الإسلام في ذلك لتكون زوجة لرجل عابث فاشل استطاع صيدها في شباك سماعة الهاتف أو التلفون.

وفي بعض الأحايين قد تكون معلومات هذا الشاب صحيحة فيما يقوله للبنت أو من يحدثها سراً عن أهلها بالهاتف، ولكن في نهاية المطاف إذا تقدم لخطبتها رفض وليها واعتذر لسبب من الأسباب -وما أكثر هذه الأسباب- وبعد ذلك يعيش الشاب كمجنون ليلى هراءً وسفهاً بما جنت يداه، وتعيش تلك الفتاة عذاب الضمير وحسرة البال، وبالأخص لو تقدم لخطبتها رجل آخر وقد وقر في قلبها حب أحد غيره، وقد تتزوج غيره والأول ما زال في خيالها وأحلامها.

إذاً فالتفتوا معاشر الآباء، والتفتوا معاشر الأولياء، ولا بأس بأخذ الحيطة والتوجس ريبة من المكالمات الطويلة أو انشغال الهاتف في منتصف الليل، ولو كانت بين فتاة وأخرى فقد تكون الفتاة الأخرى وسيطاً أو سمساراً بين الطرفين توقعهم في البلاء وترميهم بتوسطها إلى الشقاء.