للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما عز من عوى ولكن من خاض الوغى]

معاشر المؤمنين: ليست العزة بالصياح والعويل، والشعارات الإعلامية الجوفاء الرنانة، إنما العزة بعقيدة صادقة، إنما العزة بيقين وثقة بوعد الله ونصره وتمكينه، إننا فقدنا فلسطين من سنوات طويلة، وطالما سمعت أذني شعارات وأناشيد وطنية فوق التل وتحت التل، وعن يمين وشمال، سنفعل وسنفعل، وكل هذه الشعارات ما ردت لنا فلسطين، بل وما ردت من فلسطين شبراً واحداً.

لو كانت الشعارات ترد بلداً لكان العرب هم أول من يستردوا حقوقهم؛ لأنهم كما يقول القائل:

إذا خسرنا الحرب لا غرابه

لأننا ندخلها بكل ما يملكه الشرقي من مواهب الخطابه

بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه

معاشر المؤمنين: هذا المقال يصدق على الأمة في حرب (٦٧م) ونكبات الأمة التي أودعت الهزيمة والضعف والاستسلام، كنا من قبل نطالب بـ فلسطين كلها، ثم أصبحنا نطالب بقرار هيئة الأمم [٢٤٢] والعودة إلى حدود عام كذا، ثم بعد ذلك أصبحنا نساوم ونهادن ونبيع ونشتري، وحتى الآن لم نجد شبراً فلسطينياً عليه سيادة لأمة مسلمة فلسطينية.

لماذا؟ لأننا أردنا العزة بالشعارات، فأبى الله أن تكون إلا بما سنَّ في كتابه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً} [فاطر:١٠] العزة في طاعة الله، والعز في تحكيم شريعة الله، العزة أن يقتل القاتل ضربةً مريحةً بالسيف، العزة أن تقطع يد السارق، العزة أن يجلد شارب الخمر، العزة أن يجلد الزاني البكر، العزة أن يرجم الزاني المحصن، العزة أن نجد الإسلام مهيمناً في جميع مجالات حياتنا، وإياكم الخداع مع أنفسكم، إن أغبى القوم من يخادع نفسه وهو يرى الحق في طريق ويحاول أن يلتمس نصراً أو فرجاً من طريق آخر.

مادام الأمر كذلك، وأن العزة ليست بالصيحات ولا بالشعارات، فقد نرى عزيزاً صامتا لا ينطق بكلمة واحدة، ولكن قلبه يتكلم:

قل لمن عاب صمته خلق الحزم أبكما

وأخو الحزم لم تزل يده تسبق الفما

لا تلوموه قد رأى منهج الحق أظلما

وبلاداً أحبها ركنها قد تهدما

وخصوماً ببغيهم ضجت الأرض والسما

فإذا وجدت العزة، وجد الاستعلاء على ركام الدنيا وطواغيت الأرض.

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العلي العظيم الجليل لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب وتوبوا إليه فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.