للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[توجيه الأبناء بالتي هي أحسن]

أحبتي في الله: لو لم يكن توجيه الأبناء أمراً عظيماً مهماً لما تكرر ذكره في القرآن في مواضع شتى، يقول الله عز وجل وهو يقص علينا وصايا لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان:١٣]، {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان:١٦] أنا أجزم وأقطع يقيناً أن نسبة (٩٠%) أو (٨٠%) من الآباء قلَّ منهم من نصح ولده نصيحة مباشرة، نعم الأغلبية الساحقة لم يعرف إلا سبابه وشتيمته، يا خسيس يا كلب يا فاجر يالذي فيك ويعوده من العبارات ما يركب الولد شخصيته على ما يسمع، فإذا قال له الأب: يا حمار؛ فعند ذلك الولد مستعد أنه ينهق ويتحمل الأثقال، ويكون غبياً وتافهاً وركوباً وحمولاً.

وإذا قال له أبوه: يا مكار يا مخادع؛ أصبح يتفنن في ابتكار الخدع والأحابيل ونصب الشباك للناس، فبعض الآباء يظن أنه ينصح والحقيقة أنه يسب أولاده، وهذه أيضاً خصلة قبيحة خسيسة! إياك أن تسب أولادك! إياك أن تشتمهم! إياك أن تعطيهم من العبارات السيئة التي لا تليق! فقد تكون سبباً في إحباط وإجهاض الآمال والمعالم التي يطمحون أن يصلوا إليها، بل عودهم أنك تراهم في عينك قمماً ورجالاً وتراهم جبالاً، اجلس معهم وقل لهم: يا أولادي! الصدق منجاة، الصدق سببٌ إلى الجنة، الصدق يهدي إلى البر، والرجل الذي يصدق يحبه الله عز وجل، الصدق كله خير وعاقبته خير، والكذب أمرٌ خسيس ورديء، والكذب من صفات المنافقين، والكذب من صفات أهل النار.

ما تجد إلا القليل منا من يناصح أولاده، اليوم كلمة عن الأمانة، فالأمانة أمرها عظيم، والأنبياء هم أهل الأمانة، والعلماء من بعدهم يتحملون الأمانة، والأمانة لا يحافظ عليها إلا المؤمن التقي، والذي يخون فهو من أهل النار، والخيانة صفة ذميمة، أعطهم قصة أو قصتين، مثلاً أو مثلين، بيتاً أو بيتين عن الخيانة، لا بد بين الفترة والأخرى من أن تعطيهم نصائح عن الصدق عن الأمانة عن الوفاء عن التعاون عن الإيثار عن التواضع عن المحبة، تحذرهم من الكبر من احتقار الناس من أذية الناس من الحسد من الحقد، تارة تحذر من أشياء، وتارة تنصح بأشياء، لكن للأسف كثير منا لا ينصح أولاده أبداً! والأدهى والأمر أن بعض الآباء تجده رجلاً صالحاً، من أهل الصلاة ومن أهل الصلاح، إلا أنه لم يعرف كيف ينصح أولاده، ويظن البعض أنه يحتاج إلى أن يكون كـ سحبان بن وائل في الخطابة، أو ثابت بن قيس، أو حسان في الشعر حتى يؤثر عليهم، لا.

بالكلمة الدارجة وبالعبارة المفهومة وباللغة الطبيعية التي تحدثهم بها في البيت، ناصحهم وحذرهم، ومرهم وانههم وازجرهم فبهذا يتربون وهم لا يزالون صغاراً.