للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سلوكيات تقدح في الولاء والبراء]

وهنا سؤال إذا علمنا وأيقنا أن هذه هي منزلة الولاء والبراء، وهذه هي حقيقة الولاء والبراء؛ فيا ترى: لماذا يصر أقوامٌ بعد ذلك على الولاء للكافرين وعدم البراءة منهم، وضعف الولاء مع المسلمين، أو يوشك أن ينعدم عند بعض المسلمين الولاء، فلا يبالي بأي وادٍ هلك المسلمون ولا يسأل عنهم؟ بعض المسلمين يقع في خللٍ تجاه هذه القضية (قضية الولاء والبراء) ويمارس من السلوكيات ما يوقعه في الولاء للكافرين؛ كلٌ بحسب نوع عمله وتعامله الذي يفضي به إلى هذا الولاء مع الكفار، بعضهم يقول: هؤلاء كفار، ونحن لابد أن ندخل معهم في هذا الأمر، ولابد أن تكون لنا مكانة عندهم، وأن تكون لنا منزلة عندهم، والله عز وجل قد بين هذه القضية؛ لأن الله قد خلق هؤلاء البشر ويعلم ما يدور في أنفسهم، وما سوف يقولونه منذ خلقهم إلى أن تقوم الساعة، ولذلك قال تعالى: {أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:١٣٩] يريدون المنعة والرفعة والمنصب والمال والتسهيلات، قال الله عن الذين هدموا عقيدة الولاء والبراء من المنافقين: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} [النساء:١٣٩] فبعض من يوالي الكفار يقول: نحن نواليهم ولا نتبرأ منهم، نريد أن تكون لنا عندهم مكانة، نريد أن يكون لنا عندهم شأن، يا أخي الكريم! لا يمكن أن يكون لك عند الكافر شأن إلا بمقدار ما تتمسك به في دينك، أي: فبمقدار التمسك في الدين يجعل الكافر يحسب لك ألف حساب، ويهابك ألف هيبة، ويقيم لك أعلى وزن، وإن مجاراة الكفار وضعف البراء منهم، وذوبان الولاء فيهم يجعلهم يحتقرونك حتى وإن ضحكوا وابتسموا ابتسامةً صفراء.

إذا رأيت نيوب الليث بارزةً فلا تظنن أن الليث يبتسم

قد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هي

قضية فلسطين الآن كم قدم المسلمون فيها من تنازلات؟ ولو ذهبت تستقرئ التاريخ من ثمانية وأربعين إلى سبعة وستين إلى ثلاثة وسبعين إلى أوسلو وقبلها مدريد وغير ذلك، الآن رغم كل هذه التنازلات تأتي شركة دزني بأورلاندو لتقيم مهرجانات تقرر فيها أن القدس عاصمة يهودية، ماذا يفعل هؤلاء؟ كل هذه المفاوضات وكل الأعمال والتنازلات والأمور التي حرصنا أن نقترب بها، أو نصلح القضية بها، أو نصل إلى ما يسمى بالسلام، والأرض مقابل السلام إلى آخر ذلك ما قدمت شيئا، لا يزالون على مبدأ خذ وطالب، خذ وطالب، خذ وطالب، وحسبكم أن المؤمنين في فلسطين الآن والمجاهدين المسلمين المساكين في كربٍ شديدٍ لا يعلمه إلا الله، سواءً في الأراضي الفلسطينية التي تسمى تحت الحكم الذاتي، أو في مناطق الانتشار اليهودي، فإذاً ينبغي أن نعرف أن مسألة البراء من الكفار هي التي تجعل الكافر يحسب لك ألف حساب.