للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[تغيير الوضع]

ثم أيها الإخوة: البداية من هذه النفس، هل تكتفي بصلاح نفسك؟ أنت قد صلحت، وأن يقال: أسلم فحسن إسلامه، تفقه فزاد فقهاً وعلماً، كثيرٌ منا معلوماتنا في العام الماضي هي نفس معلوماتنا هذه السنة، وهي معلوماتنا بعد سنتين وبعد ثلاث سنوات إن كنا من الأحياء، لا تجد الإنسان يطور في برنامجه شيئاً، أو يحاول أن يغير من وضعه، تمر السنون الطوال وهو لا يزال على ركعة واحدة وتراً، تمر السنون الطوال وهذا شأنه لا يعرف إلا ست شوال فقط، تمر السنون الطوال وهو لا يعرف من النوافل إلا مسائل محدودة، أين مجاهدة النفس ولو رويداً رويداً، ولو قليلاً قليلاً؟ وسترى حسن عاقبة هذا، وستجد له أثراً إذا أنت أخذت النفس على رياضة مستمرة ولو تدريجية، بعض الناس ربما صام الشهر كله، أو صامه إلا قليلاً ثم انقطع مرةً واحدة، أو ربما قام الليل كله، ثم فاتته صلاة الفجر في أيامٍ متتابعة، أو تجده ربما انكب على محاضرات مدداً طويلة، ثم انشغل بعد ذلك بمجالس لهوٍ وغفلة، وتجد المنحنى البياني بالنسبة لاستقامته في هبوط وصعود، مرة طائراً فوق، ومرة نازلاً تحت.

المعروف أن الإنسان المستقيم الداعية، الخط البياني بالنسبة في الارتفاع، يحصل زلة ولكنه يرجع من جديد إلى ارتفاع، رب ذنبٍ أورث توبةً فأورثت عملاً وندماً واجتهاداً وعزيمة، قال ابن القيم: سألت شيخنا ابن تيمية عن الحديث: (ما يقدر الله لعبده قدراً إلا كان له به خير) قال: أليس الله يقدر الشر؟ قال: بلى.

-المعصية أليست من قدر الله؟ بلى.

المعصية من قدر الله- قال: إذاً كيف يكون للإنسان فيها خير، قال: بما يتبع ذلك من الذل والندم والانكسار، والإكثار من الحسنات الماحيات لهذا.