للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كلام الشوكاني عن بداية الانحراف]

واسمحوا لي بأن أنتقل بكم إلى إمام جليل من أئمة الإسلام الموحدين وهو الإمام الشوكاني رحمه الله، في رسالة عظيمة ألفها فيما مضى، وكأنه يرى أحوال الناس ومنها نبذ جليلة طاهرة من الكتاب والسنة في مسألة تعظيم القبور وتشييدها والبناء عليها، يقول رحمه الله وينقل هذا عمن كان قبله من السلف: كان أول ذلك -يعني: بناء القبور وتعظيمها، وعبادة الأصنام والعناية بها- في قوم نوح حيث قالوا كما قال الله جل وعلا: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً * وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً * وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} [نوح:٢١ - ٢٣] كانوا قوماً صالحين، قوم نوح جعلوا من هؤلاء من ود ويغوث وسواع ويعوق ونسر، جعلوا من هؤلاء الصالحين جعلوهم قادة لهم يقتدون بهم وجعلوهم قادة يتبعونهم، وكان الذي ظهر فيهم هذا الأمر في بداية أمرهم كانوا من صالحي بني آدم، ولكن الصالحين الذين عظموا ماتوا، فقال أصحابهم الذين يقتدون بهم: لو صورناهم، بدأ الشرك بالتصوير، لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم فلما ماتوا مات ذلك الجيل الأول الذي صور الصالحين لا لعبادتهم ولكن للتشوق إلى العبادة حال رأيت صورهم، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر، فعبدوهم ثم عبدتهم العرب بعد ذلك، وقد حكي معنى هذا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما.