للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاج داء الغرور لدى المسئولين]

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد: لدينا مسئولون عندهم داء الغرور، فمال الحل لإقناعهم أن لديهم داء؟

الجواب

أسمعوهم هذه المحاضرة لعل الله أن ينفع، ونسأل الله جل وعلا أن ينفع بجهودنا وجهودكم هذا شيء.

الشيء الثاني يا إخوان: أن الغرور داء دفين في النفس، والأمراض الخفية تكون في خبايا النفس خاصة في الجوانب السلوكية، وداء الغرور يكتشف من سلوك الإنسان؛ من دخوله وخروجه وقدومه وانصرافه ومقابلته للناس ومعاملته مع الناس، فعلى أية حال هذا الذي عنده داء الغرور أكثر له من الأشرطة التي فيها بيانٌ لأصل هذا الإنسان وأصل خلقته تكوينه، وأنه ضعيف، ومناقشة الغرور لا ينتهي أبداً، يا أخي بأي شيء تغتر؟! {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً * أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} [الإسراء:٥٠ - ٥١] أي: لو كنتم حجارة أو حديداً أو خلقاً أكبر من هذا فسيأتي بكم الله ويعذبكم ويحاسبكم، فالمسألة ليست بحديد فولاذي لا تبلى ولا تفنى، بل بالعكس فأنت بشر ضعيف، الواحد لو أصابه جرح في إصبعه، فمن نعمة الله أن توجد مادة في الدم تسبب التجلط حتى يقف الجرح ويعود بناء الأنسجة من جديد، وإلا فإن هذا الجرح ربما ينزف قطرة قطرة لمدة يومين أو ثلاثة أيام حتى ينتهي، فهذا الإنسان الذي شق الأنفاق وركب البحر والغواصات والطائرات والصحاري له جهوده في مجالات عديدة، لكن أيضاً هو ضعيف جداً.

الكلى: أسأل الله أن يعافي الذين ابتلوا بمرض الفشل الكلوي، وأن يمن عليهم بالشفاء والعافية، انظروا هذه الكلية حجمها بنصف حجم القلم وبشكل قريب من نصف الدائرة، من الذي يعوضها؟ الإنسان ضعيف جداً وانظر إلى هذه الناحية من أمرين: الأمر الأول: دقة وعظيم خلق الله لعبده.

والأمر الثاني: لا يعوضك أحد إذا تخلى عنك الله سبحانه وتعالى، وإذا زالت عنك عافية الله جل وعلا فلن تستطيع أن تعوضها بشيء.

الذين أصيبوا بالفشل الكلوي مستعدون لأن يبذلوا ملايين من أجل أن تعود الكلية كما كانت، وذلك لا يكون إلا إذا أذن الله جل وعلا لأحدهم بأن توجد له زراعة كلية من إنسان آخر أو من متبرع وتكللت عمليته بالنجاح، فالإنسان ضعيف.

وآخر فقرة في العمود الفقري لو سقطت عليها لأصبت بشلل نصفي، نقطة بسيطة في الدماغ إن تتحرك عن مكانها يحصل شلل كامل، وقد تتعطل حاستين أو ثلاث.

فالخلاصة: أنك ضعيف جداً جداً، وأدنى شيء يؤثر في حياتك، ويجعلك تتألم وتتعذب، لكن من كان في العافية فهو لا يعرف قيمتها، ولا يعرف قيمة العافية إلا من ذاق المرض:

لكل ما يؤذي وإن قل ألم ما أطول الليل على من لم ينم

لو أن الإنسان تقلب على فراشه ساعتين من وجع سن، قال: أقلعوا حنكي كله وليس ضرسي فقط، دعوني أرتاح، لأنه يتألم ألماً شديداً.

إذاً هذا الإنسان أكثر له من الأشرطة والرسائل والمحاضرات، وأيضاً إذا وجدت الجلسة المناسبة معه لكي تبين له أن الإنسان ضعيف ومسكين، ولا بقاء ولا قدرة ولا ثبات له إلا إذا منَّ الله عليه بالشفاء والعافية، إذاً فهو محتاج لأن يرتبط بالله حتى يتمتع بهذه العافية، إنسان يملك ملياراً، لكنه محروم من السكريات والنشويات، ومحروم من أن يمشي كثيراً، ومحروم من تناول الملح لأن عنده ظغطاً في الدم؛ ما هذه الحياة! حقيقة يا إخوان! هل الدنيا مال؟ لا، الدنيا بعد طاعة الله عافية، ولذلك ينبغي للعبد أن يسأل الله سبحانه وتعالى؛ اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة، العافية نعمة عظيمة من أكبر النعم، فإذا أكثرت على هذا المسئول من هذه الجوانب وهذه النقاط، فلا بد أن يعود ويئوب إلى الله يوماً من الأيام.