للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التمسك بالدعوة في جميع المواقف]

في الختام ينبغي ألا تجعل ضعف موقفك سبباً في قعودك عن الدعوة إلى الله عز وجل، لا يمنعك من الدعوة ضعف موقفك، أو ضعة موقعك كأن تكون صغيراً بين كبار، أو فقيراً بين أغنياء.

نعم أيها الأحبة! هل تتصورون موقفاً أضعف وأحط من موقف تلك المرأة التي كانت على فراش الزنا بين رجلي الزاني، على حالة من الفقر والضعف، ومع ذلك ماذا قالت؟ كما في قصة الثلاثة الذين آواهم المبيت إلى غار، فانحدرت صخرة من الجبل، فانطبق الغار عليهم بهذه الصخرة، وقالوا: إنه لن ينجيكم مما أنتم فيه إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، الأول توسل إلى الله ببره بوالديه، والثاني توسل إلى الله عز وجل بأنه أعطى الأجير أجره، والثالث توسل إلى الله بأنه كانت له ابنة عم، وكانت على أحسن ما تكون عليه النساء، وأنها كانت تحتاج إليه، فيراودها عن نفسها، فتأبى وتتمنع، وأنها جاءته في سنة قحط أو جدب، فأرادت منه الإعانة أو المال، فقال: لا أعطيك حتى تمكنيني من نفسك، فتحْت ذِلة الحاجة ووطأة الفقر وجدب السنين وقحط الأرض، رمت بنفسها تحت قدميه، فلما تمكن منها، ما كان موقفها الضعيف الذليل صارفاً لها عن الدعوة، بل في تلك اللحظة التي هي في أحط موقف، قالت: اتق الله، ولا تفض الخاتم إلا بحقه، حتى في اللحظات الأخيرة من الضعف والهوان، فنفعت تلك الرسالة، وتلك الدعوة، وتلك الكلمة، فقام وتركها وترك المال.

إذاً: لا يمنعك ضعف موقفك وموقعك من الدعوة إلى الله عز وجل.

وكما مرَّ بنا: إن موقف الهدهد الطائر أمام الملك النبي سليمان عليه السلام ما منعه من أن يدعو وأن يبين، وموقف النملة تحت جيش جرار يهز الأرض، ما منع النملة أن تنصح قومها {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} [النمل:١٨].