للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مقترح لاستمرار المهتدين الجدد على الهداية]

أقول: هذه كلها أيها الإخوة مشاريع مقترحة وأضيف عليها الآن مشروعاً.

كان عنوان المحاضرة بعنوان: (الشريط الإسلامي بين التجارة والدعوة)، والحديث في صميم هذا الموضوع؛ لكن هذه مقدمة وفكرة خطرت ببالي في الحقيقة، وتلجلجت في صدري فترة طويلة، فأحببت أن أغتنم هذه الفرصة لطرحها عليكم، ألا وهي من المشاريع العملية الدعوية التي تنفع بإذن الله جل وعلا.

أما عن مقدمة الفكرة فكالآتي: نحن وإياكم كثيراً ما ندعو عدداً من الشباب إلى الاستقامة والالتزام، فنتعرف على فلان وعلان ونسافر به، ويعتمر معنا أو يحج، أو يكون بيننا وبينه سلسلة زيارات فيتأثر ويستقيم، وماذا بعد ذلك؟ لو تردد علينا أربعة أيام قلنا له: يا أخي، مَسَّخْتها، ما إن التزمت حتى أدوشتنا! ما يمكن! ضيَّعتَ وقتنا جزاك الله خيراً!: فعلاً هو لا خيار له؛ إما أن يبقى معك كالظل لك حتى يحافظ على نفسه من جلساء السوء، ومن السهرات التي يتاح له فيها العبث واللهو، والمرأة والخمر والنساء والأفلام مع تباين واختلاف في طبقات الذي يعاقرون هذه الفواحش أو يقترفونها، فهذا الشاب نَمَلُّ منه ويَمَلُّ منا بعد فترة قصيرة؛ لأنك أنت مرتبطٌ بزوجة وأولاد وأقارب، وحاجات أهلك وعملك، ومختلف المهمات التي تعرض لك، ومراجعة أطفالك في المستشفيات، وتعليم أولادك أمام موسم الاختبارات وهَلُمَّ جَرَّا، وهذا شاب مَنَّ الله عليه بالهداية، كيف تحافظ عليه؟ تجد أنك تتحمس، أو تتفاعل أو تغلو أو تشتد عندك العاطفة، تغلي العاطفة عندك في الأسابيع الأولى ثم بعد ذلك تمل منه، فتتركه ثم يرجع من جديد، بعد أن بلغ ذروة ارتفاعه يعود في التدني وفي الهبوط، حتى يعود ذلك الذي استقام يوماً ما إلى درجة الصفر كما لو كان لم يستقم يوماً ما، بل وقد ينزل عن المحور الرئيسي وتحت القاعدة الرئيسية ويقع فيما هو تحت خط الانحراف، ولا حول ولا قوة إلا بالله! والسبب: أنه لا توجد عندنا دور لرعاية التائبين، ولا توجد أماكن لرعاية الشباب الذين استقاموا.

أقول: هذا جزء بسيط جداً من الحل، ألا وهو: أن يتعارف شباب الحي، مثلاً نحن في منطقة (العلية) أو في منطقة (البديعة) كم عندنا من الخطباء أو الدعاة أو طلبة العلم؟ عندنا عدد كثير، نقول للشباب: إن يوم السبت بيت فلان بن فلان مفتوح، من بعد صلاة العصر إلى صلاة العشاء، فأي شاب يرغب أن يستفيد، يرغب أن يسأل، يرغب أن يجلس، فحياه الله عند فلان بن فلان، المجال مفتوح لمن أراد أن يحضر، وهذه الجلسة تكون مبرمَجة منظَّمة، بمعنى: لا يكون الهدف منها ألوان النعناع والشاي والدارصيني والقهوة ومختلف المشروبات، لا، إنما يكون البرنامج فيها: آية وتفسيرها، حديث وحكمه، سيرة واحد من الصحابة، قراءة في فتاوى بعض العلماء، تقليب في أخبار العالم الإسلامي، وأحذَّر وأحذِّر وأحذَّر ثلاثاً من الحديث في المواضيع السياسية، لا أعني بذلك تخويفاً لكم من السياسة، لا، لكن سأجد من يقول: إن هذه الجلسات ستكون طريقاً للحديث والتدخل في شئون ليست من اختصاص هؤلاء، فأقول: إياكم والحديث فيها، طبعاً الكلام في الأمور هذه نوعين: نوع مفتوح للجميع: مَن الذي يأذن للجريدة أن تتحدث ويُحرِّم عليك الكلام؟! من الذي يأذن للإذاعات أن تطنطن ويُحرِّم عليك أن تتكلم وتتحدث؟! لكن أقصد بذلك: الدخول في العمق والتحليل ونقل الآراء الشخصية، والتحليلات الشخصية، وربما يدخل معك في المجلس من يحدثك لكي ينصب لك كميناً ويسجل حديثك، وليس الهدف تسجيل حديثك، وإنما الهدف أن يشي بك إلى سلطة ما ويقول: إن فلاناً يجلس مع آل فلان وبني فلان ويتحدثون في المسئول الفلاني، أو في الجهة الفلانية، بغية إغلاق هذا المشروع.

أقول: هنا تحفظات، هنا احتياطات، هنا خطة الأمن والسلامة في هذا المشروع الصغير، ألا تتحدث في أشخاص ولا هيئات، ولا مؤسسات معينة، أما القضايا التي طُرِح الحديث فيها للساحة، فالكلام يجوز لك أن تتحدث فيه، كما جاز للجريدة والإذاعة أن تتكلم كيفما شاءت.

بعد هذا أيها الإخوة إذا استطعنا أن نضبط هذه الجلسة بعد صلاة العصر إلى أذان العشاء يوم السبت عند فلان، يوم الأحد عند فلان بن فلان، فأنا مثلاً أكون مسئولاً عن يوم واحد في الأسبوع، أفتح فيه بيتي لمن أراد أن يحضر، وأنت مسئول عن يوم الأحد في الأسبوع تفتح فيه بيتك لمن أراد أن يحضر، والثالث مسئول عن يوم الإثنين يفتح فيه بيته لمن أراد أن يحضر، بمعنى: ألا يدور الشاب التائب أو المستقيم يبحث عمن يجالسه ويخالطه، فيأتي إلى هذا فيراه مشغولاً، ويأتي إلى هذا الإمام فيراه مشغولاً، ويأتي إلى هذا الداعية فيراه مسافراً، ويأتي إلى هذا فيراه يذهب بأولاده، ويأتي إلى هذا فيطرق عليه الباب ويخرج بالقلم يقول: والله يا أخي نحن الآن مشغولون، أما ترى القلم معي؟! فأربعة أو خمسة أماكن يجدها مغلقة، المكان السادس المفتوح: قهوة، أو شيشة، أو مطعم، أو رصيف، أو جلسة لَهْو، أو أصدقاء السوء الأُوَل الذين تعود أن يجد معهم مجلساً مفتوحاً، والبلوت الساخن من بعد العصر إلى الساعة الثانية عشر أو الواحدة ليلاً، لن تُعْدَم أربعة يكملون الفريق، والأوراق جاهزة، واللعبة شيِّقة، وهَلُمَّ جَرَّا.

إذا ذهبتُ إليك فأنت مشغول، وهذا أغلق بابه، وهذا مسافر، وهذا ذهب بأولاده، إلى من أذهب أيها الإخوة؟! أنا شاب تائب، أنا شاب مستقيم، أريد أن أستمر على هذه الهداية، من الذي يؤويني؟! من الذي يحتضنني من جلساء السوء؟! إذا لم يوجد ترتيب للمحافظة على مثل أولئك، وإلا فيستقيمون ثم ينحرفون إلا من رحم الله.

فإذا كنت أنا مسئول يوم السبت، فلن يشغلني الشباب في بيتي، فقط يوم السبت أنا مسئول حيَّا الله من جاء، طبعاً ما أقول: تعالوا، أقول: مثلاً يوم السبت الباب مفتوح، لو زارني أحد أو جاء يوم الإثنين أو الثلاثاء أقول: حياك الله في كل سبت، أهلاً وسهلاً، طبعاً إذا كان هناك أمر مهم أو مسألة خطيرة أو قضية عين لا يقاس عليها، نستطيع أن نقابله ويقابلنا بعد الصلاة، قبيل الصلاة، عند الفجر، قبل الفجر، كما يشاء، ليس في ذلك مشكلة.

فإذا أوجدنا هذا على مدار الأسبوع، استطعنا أن نحافظ على التائبين في كل حي، التائبون في هذا الحي يجتمعون؛ هذا اليوم عند الشيخ/ مَزْيَد، وغداً عند المؤذن، وبعد غدٍ عند الدكتور فلان، وبعد غدٍِ عند الشيخ فلان.

إذاً لا يجد فراغاً يشكو منه.

زيادة على ذلك: ينبغي أن توجد جمعيات أو مكاتب نقليات وسفر وسياحة؛ أعني بذلك: نحن بحاجة إلى رحلات طويلة، لأن من كان حديث عهد بهداية، فإنه يحتاج إلى عزلة لمدة خمسة أيام أو عشرة أيام، أعني بها حمية عن مجالسة السوء والمنكرات وحتى رؤية المنكرات، فإذا وُجِد في الشهر الفلاني رحلة إلى مكة، والقصيم؛ زيارة للشيخ/ العثيمين، والمدينة؛ زيارة لإمام الحرم، والصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أخذ العمرة.

هذه الرحلة لمدة ستة أيام، عدد الشباب الذين يشتركون في هذه الرحلة من ثلاثين إلى أربعين، من المسئول عنها؟ أحد الأئمة، أحد الدعاة، أحد الخطباء، ويسافر بهؤلاء الشباب.

ثق يا أخي أنك بعد هذه الرحلة سوف تعود بمجموعة قد حُجِبَت عن الفساد شيئاً كثيراً؛ لكن المشكلة أن الشاب الذي ندعوه نجلس معه في المغرب ونتحدث معه، وبعد العشاء أول ما تقع عينه على الدعاية، ثم المسلسل ثم فيلم السهرة، أنت تصب كأساً والآخر يريق سطلاً كاملاًَ، لا يوجد هناك أي توازن ولا يقاس الحق بالباطل، فقليل من الحق يغني عن كثير بل يزهق كثيراً من الباطل؛ ولكن أيها الأحبة إذا وجدت مثل هذه؛ مكتب في الشمال، مكتب في الجنوب، مكتب في الشرق، مكتب في الغرب، وتتبنى مثل هذه المشاريع، سوف نحافظ على الشباب.

وأقول يا إخوة: ما يمنع أن تتبنى هذا الأمر؟! يعني يا أخي الحبيب: لا تنتظر أن يقوم بها فلان بن فلان، وفلان وعلان، الأسماء اللامعة أو المشهورة في ذاكرتك، لا، أنت لماذا لا تقُم بهذا؟ لماذا لا تكون واحداً ممن يؤسس مع عشرة أو عشرين أو ثلاثين، إذا كنتم ممن يسَّر الله عليهم، كل واحد يدفع [٢٠.٠٠٠] × [١٠] بمائتين ألف ريال، واشترِ لك أوتوبيسين بالتقسيط، ونتوسط لك عند (عبد اللطيف جميل) إن شاء الله، وبعد ذلك تأخذ تصريح مكتب نقليات حج وعمرة، وتساهم في الدعوة إلى الله جل وعلا.

من شروط هذه الرحلات: لا يوجد تدخين.

لا سماع أغاني.

النساء، إذا كان هناك أوتوبيس آخر للنساء، يُستضاف أحد الإخوة بزوجته تكون مع النساء موجهة مؤثرة داعية.

نستطيع يا إخوان أن نؤثر في هذا المجتمع، ولدينا مجالات عديدة للدعوة إلى الله، لكننا لا نتعلق، أو البعض لا يفكر إلا بما يجد فيه المواجهة، أقول: إننا ينبغي أن نتخلى عن أي ثغرة من ثغرات الدعوة إلى الله حينما يوجد فيها مواجهة، لكن نقول: خذ وطالب، اعمل في هذه المجالات المفتوحة، وعاود وحاول مراراً وتكراراً أن يُفتح من المجالات ما أغلق أمامك، إذا كان ثمة مجال أغلق.

هذه فكرة لو أننا طبقناها لاستطعنا أن نحتوي التائبين، سواء احتواءً من حيث الجلسات والأيام المحدودة، أو من حيث الرحلات والمناسبات الطويلة التي تستغرق أوقاتهم بإذن الله جل وعلا، وما الذي يسمح لمكتب سفريات أن يأخذك من هنا على العقبة، على مصر، على سوريا، ويمر بك على شواطئ فيها عراة، ويمر بك على أماكن فيها اختلاط، ويمر بك على أماكن فيها معاصٍ، ويحرِّم ويمنع أن يوجد مكتب سياحة وسفريات يخرج بك إلى مكة، ثم إلى المدينة، ثم إلى القصيم، ثم لزيارة أحد العلماء، ما الذي جعل الحرام حلالاً، والحلال حراماً؟! لا يمكن أن يوجد، لكن كما قلت أيها الإخوة، لم نفكر ولم تكن القضية ساخنة لدى الكثيرين منا، ولأجل ذلك فلا عجب أن ننتظر، أما نحن فلن نفكر، ولو أحوجنا الأمر لحرصنا على تطوير الأمر.