للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[دعوة الناس إلى العقيدة الصحيحة]

السؤال

الأخ يقول: هل لي من كلمةٍ للدعاة أن يدعوا الناس إلى العقيدة الصحيحة والتحذير من كل ما يضادها؟

الجواب

هذا كلامٌ جميل أخي العزيز! ولا فائدة من الوعظ والخطابة والمحاضرات والندوات إن لم تؤسس على معتقدٍ صحيح، وعلى منهجٍ حنيفيٍ جليٍ واضح، حتى لا نكون ممن قال الله فيهم: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:١٠٦] {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف:١٠٣] وإنك لتعجب حينما تزور بلداناً فيها أعمال شركية، وإذا تأملت عقائد القوم وجدتهم يخلطون ويعتقدون أن أصحاب القبور ينفعون أو يدفعون، يعتقدون أن الأولياء يسمعون، يعتقدون أموراً لا ترضي الله عز وجل، يعتقدون أموراً تنافي أو تقدح في كماله، فحقٌ علينا جميعاً وعلى كل طالب علم، وعلى كل رجلٍ وامرأة وفتى وفتاة أن تعتني بأمر التوحيد، ونحن -ولله الحمد والمنة- قد أكرمنا الله بدعوة الإمام المجدد، لكن لا يعني أن ذلك ضمان ألا يقع الشرك في بلادنا، كيف وقد غُزينا غزواً جلياً واضحاً بهذه القنوات والبث الفضائي والأقمار الصناعية بالدعوى الصريحة إلى الشرك بالله عز وجل، في مدينة من المدن المجاورة كنت في أحد الفنادق، فإذا بقناةٍ من القنوات تبث صورة لشاب أو مقطعاً لشاب صغير قد لدغت أخته من قبل حية، فلما لدغت أخت الطفل من هذه الحية هرب الطفل يركض إلى معبد في البيت وأخذ ينحني ويصلي ويدعو وينحني ويصلي، ويقول: إن لم تشف أختي فلن أعود إلى الصلاة لك أبداً، ولن أؤمن بك، ولن أعتقد بك أبداً، ثم عاد مرةً أخرى فوجد أن أخته قد سلمت وقامت تضحك بين الأطفال، وذلك في برنامج أطفال، فعاد الطفل وأخذ ينحني لهذا الصنم ويشكره ويقول: سأبقى ما حييت مصلياً لك، ولا أتركك أبداً.

هذه دعوة صريحة للشرك، اليوم الأطفال يغزون بالشرك، يغزون في عقائدهم، الدعوة إلى الشرك من خلال أفلام كرتون، أن يخيل للطفل أن لله جسماً معيناً، أو شكلاً معيناً، الدعوة إلى عقائد المانوية، القول: بإله النور وإله الظلمة.

الشر كثير يا إخوان، فكما تفضل الشيخ لا يكفي أن نتحدث على المنابر، أيضاً المجالس، كل الحاضرين الآن سوف يفرقون إلى مجالس منها مجالس عائلية، مجالس صداقات وعلاقات، فلماذا لا ننتبه؟ لماذا لا نحصر ما هي الملاحظات التي بدأنا نلاحظها على أطفالنا، فنتناصح بها ونوصي بها المدرسين.

مدرسة من المدارس يقول أحد الأطفال فيها: إن طفلاً تغيب عن المدرسة يومين، فقال المدرس للطالب: أين كنت يا فلان؟ قال: والله مات عمي ومات خالي، فقال المدرس: اقرءوا الفاتحة مرتين، مرة على روح عم زميلكم ومرة على روح خال زميلكم.

يا إخوان! الغزو في الداخل وفي الصميم لا أحد يستطيع أن ينكر هذا الكلام، فلا سبيل إلى علاجه إلا بماذا؟ أنغطي السماء بشراع؟! لا يمكن، الغزو داخل، لكن الحل هو الوعي والتنبيه واليقظة والمناصحة والتتبع، والله -يا إخوان- لو وصل الأمر إلى أن الواحد يأخذ قائمة بالأسئلة المتعلقة بالعقيدة ويسأل أولاده واحداً واحداً، كما كان الأولون كانوا بعد صلاة العصر والفجر ويقولون: تعال نعلمك الدين، من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ بأي شيءٍ تعرف ربك؟ سؤال مفصل وأسئلة جزئية في العقيدة؛ لأن الناس على خطر، وكانوا حديثي عهد في الجاهلية، في جهل، فالآن الجاهلية قد أطبقت عبر أقراص الكمبيوتر، أحد الطلاب جاء إليَّ من فترة في الكلية، فأخرج إليَّ صوراً استخرجها من شاشة الكمبيوتر الذي يعمل به، صور كنيسة، وصور صليب، وصور قداس، وصور شمعدان، وصور وصور كلها متعلقة بالكنائس، فاليوم الغزو يأتيك في قرص ديسك كمبيوتر، الغزو يأتيك من خلال البث الفضائي، يأتيك من مدرس صاحب مدرسة أهلية -سامحه الله- يستقدم ما هب ودب من الذين لا يعرف عن عقائدهم شيئاً، أنا لا أتهم كل من جاء إلى هذه البلاد، فيهم خير عظيم وفيهم غَيرة للدين إن شاء الله، لكن أيضاً ليست القضية أن نبحث عن أرخص مدرس أياً كانت عقيدته، ثم نخليه يدرس أبناءنا، وبعد ذلك يعلمه أموراً تخالف العقيدة.

أيضاً هذه من المداخل الخطرة، ولعل الله عز وجل لو نتعاون مع بعض الشباب ومن يستطيع أن نتعاون وإياه لكي نحصر الملاحظات والمشاهدات التي بدأنا نراها على الأطفال والناس في مسائل العقيدة، حتى يؤلف فيها كتيب ويوزع وينشر، وتلقى في محاضرات ودروس وندوات، من أجل تنبيه الآباء لأبنائهم والأمهات لأبنائهن وبناتهن.