للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قل: سمعنا وأطعنا]

أخي الكريم: إن أسلمت فقد اهتديت، وإن سلمت الأمر لربك فقد اهتديت، وإن قلت: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فقد اهتديت، وإن قلت: لا خيرة لي بعد أمرك يا رب وأمر رسولك صلى الله عليه وسلم فقد اهتديت.

وإن انصرفت ذات اليمين وذات الشمال وازور بك الأمر يمنة ويسرة فاعلم أنك على خطرٍ عظيم {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [البقرة:١٣٧] {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام:٨٢] من هم المهتدون؟ من هم الذين جاوزوا أطباق الثرى والثريا بمنة الله عليهم بهذه الهداية؟ المهتدون هم {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة:٣ - ٥] المهتدون {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:١٥٦ - ١٥٧].

فما أسباب هدايتهم؟ كيف اهتدوا؟ وكيف تميزوا؟ وكيف سادوا؟ وكيف سبقوا؟ وكيف نالوا؟ وكيف تقدموا؟ والله ما نالوا ذلك بمعادلاتٍ معقدة، ولا مشروبات عجيبة، ولا كبسولات غريبة، إنما نالوا الهداية بالطاعة، سمعوا قول الله فقالوا: سمعنا وأطعنا، سمعوا قول الله فقالوا: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور:٥١]، ما اختاروا لأنفسهم خيرة بعد أمر الله، ما اختاروا أمراً بعد أمر الله، ما قالوا: نقلب أو نفكر أو ننظر نتوب أو لا نتوب، نقلع عن الذنوب أو لا نقلع، نعود عن المعصية أو لا نعود، أبداً {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:٣٦].

والله ما اختاروا شيئاً بعد أن سمعوا كلام الله وكلام رسوله، هكذا اهتدوا، وهكذا أصبحوا في عداد المهتدين.

{قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النور:٥٤] {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:١٥٨].

يا أيها الشاب! أتريد الهداية؟! ارم بنفسك بين يدي خالقك.

أتريد الهداية؟! اسجد نادماً، اخضع نادماً، ابك لله نادماً على ما فعلت، فإن ربك قريب ولا تحتاج توبته إلى اعترافٍ أو إلى قاضٍ أو إلى أحدٍ لتعترف بين يديه وإنما هي بينك وبين الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:١٨٦].