للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أثر القرآن في استجابة المرأة لله عز وجل]

بعد ذلك: أثر الإيمان على الفتاة المسلمة أن تعلم أنها أمرت بالاستجابة لله جل وعلا، أعطيكن مثالاً: أثر الإيمان على الفتاة المسلمة أن تستجيب لله جل وعلا، لأن الله هو الإله الخالق المدبر، وهو كفؤ لأن يستجاب له، بغض النظر هل عرفنا الحكمة أم لم نعرف الحكمة، يعني: ما تأتينا فتاة وتقول: لماذا حرم الله الاختلاط؟ لماذا أمر الله بالحجاب؟ نقول: أولاً: بوسعنا أن نجد العلل والحكم التي من أجلها منع الاختلاط وشرع الحجاب، لكن قبل ذلك كله من أثر القرآن على الفتاة المسلمة أن تستجيب لله عرفت الحكمة أم لم تعرف، عرفت الهدف أم لم تعرف، والله جل وعلا يقول: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور:٥١].

الفتاة المسلمة أثر القرآن عليها أن تستجيب للأوامر الشرعية لأن الله أمرها بها، فمادام أن الله أمر فإننا ننفذ عرفنا الحكمة أو لم نعرفها، عرفنا العلة أو ما عرفناها، هذه مسألة مهمة يقول الله جل وعلا: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، ليس هناك خيارٌ في أي حالٍ من الأحوال: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:٣٦].

خذوا الآن مثالاً على الاستجابة، تجد فتاة مثلاً متساهلة بالحجاب، تنظر إلى الأفلام والمسلسلات، قد جمعت في بيتها صور النجوم والمشهورين والشهيرات، وفعلت كثيراً من المعاصي، فعندما تنصحها إحدى أخواتها فتقول: أما هذه وهذه وهذه فنعم، أنا معك أفعلها وأطبقها، وأما هذه وهذه والأغاني لا أستطيع أن أتركها، لماذا؟ لا يوجد شيء أمر الله به ننفذه وشيء نتهاون به، جميع الأمور أمر الله بها، فمن واجبنا أن نستجيب.

أثر القرآن أن يعلمنا الاستجابة، والله جل وعلا حينما يأمرنا في القرآن الكريم فليس الأمر للرجال فقط، وكثيرٌ من النساء يجهلن هذه القاعدة ويظنن أن القرآن مقصودٌ به الرجال، بل كل خطابٍ في القرآن فيه: (يا أيها الذين آمنوا) فالمؤمنات يدخلن فيه بالتبع، كل خطاب فيه أمر للمسلمين فإن المسلمات يدخلن فيه بالتبع، وهذه مسألة مهمة جداً ينبغي أن تفهمها الفتاة المسلمة، وإذا جاء خطابٌ أريد به النساء على وجه الخصوص، فهذا فيه دلالة على زيادة الخصوصية لهن أي: للتأكيد على شأن المسلمات والمؤمنات بالرعاية والعناية بهن.

المسألة المهمة التي تلي ذلك، يقول الله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال:٢٤] فواجبنا الاستجابة وليس واجبنا أن نبحث في التعليل: لماذا، وعلل! وبيّن! واشرح! واذكر! هذا ليس من شأن الخلق مع الخالق، ليس من شأن الضعفاء مع القوي، ليس من شأن الفقراء مع الغني، ليس من شأن الأذلاء مع العزيز المكين الجبار المتكبر، إنما شأن الفقراء مع الغني إذا أمر أن يقولوا: سمعنا وأطعنا، شأن الأذلاء نحن معاشر البشر مع العزيز الكبير إذا قال الله شيئاً أن نقول: سمعنا وأطعنا، شأن الضعفاء مع القوي سبحانه وتعالى أن نذعن وأن نستجيب له، فمسألة الاستجابة مسألة مهمة جداً جداً، ينبغي أن تفقهها الفتاة المسلمة.

أذكر لما حصلت مشكلة قيادة المرأة للسيارات -تلك الفتنة الخطيرة التي قام بها من أراد بالمسلمين والمسلمات شراً، والحمد لله الذي رد كيدهم في نحورهم- قام بعض الجهلة والسفهاء وبعض المساكين يقول: لماذا؟ وعلل! وبين! واشرح! ولماذا المرأة لا تقود؟ وهلم جراً، نحن أولاً وقبل كل شيء أمام قرارات عامة، أمام توجيهات إدارية، نحن قبل كل شيء أمام أوامر ربانية، ولا يسعنا أمام الأوامر الربانية إلا أن نقول: سمعنا وأطعنا، ثم بعد ذلك إذا وجدنا عللنا بحثنا فيها.