للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[يعض الظالم على يديه ويتذكر ما قدم]

{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٦] {لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} [البقرة:٤٨].

وفي ذلك اليوم: {يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً} [الفرقان:٢٧ - ٢٨].

في ذلك اليوم: {وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً} إنا جنودٌ لكم، إنا أتباعٌ لكم، إنا قافية من بعدكم: {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ} [إبراهيم:٢١] ولكن يتبرأ الذين اتُّبِعوا من الذين اتَّبَعوا، وفي ذلك اليوم: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:٦٧].

يوم تحدث الأرض فيه أخبارها، ويصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم، ويكشف عن ساق فيدعى الجميع إلى السجود فلا يستطيع الكافرون والمنافقون سجوداً، بل تعود ظهورهم طبقاً واحداً كظهور البقر.

ذلك اليوم يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى، يتذكر الإنسان ما سعى ولا ينسى شيئاً ولا ينكر قليلاً ولا كثيراً.

{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٦] تأتي كل نفسٍ ومعها سائق وشهيد.

في ذلك اليوم يكشف عن النفوس الغطاء، ويصبح البصر حديداً، ويقال لجهنم: {هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق:٣٠].

في ذلك اليوم يحشر المجرمون زرقاً يتخافتون بينهم، وقد نسوا عمراً طويلاً، وليالي ساهرة، وأياماً ماجنة، وملذاتٍ تقلبوا فيها، فيقول بعضهم لبعضٍ: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً} [طه:١٠٣] تصبح هذه الدنيا بما مر فيها من مالٍ ونعيمٍ وملذاتٍ وشهوات كأن لم يلبثوا فيها إلا ساعةً من نهار أو يوماً، ويقول أمثلهم طريقة: {إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً} [طه:١٠٣].