للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من حقوق الزوج على الزوجة الطاعة]

فمن ذلك: الطاعة، وهي الطاعة في المعروف والقوامة دالة على ذلك، وقد جاء في تفسير قول الله تعالى: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)) [النساء:٣٤] جاء في تفسير الآية: إن عليها طاعته وقبول أمره ما لم تكن معصية.

ذكره الجصاص والقرطبي، وإن أساس هذا الحق هو القوامة إذ أنه لا معنى لحق القوامة بدون حق الطاعة، مادام للرجل قوامة فله على زوجته أن تطيعه ولا تعصيه ما لم يكن أمره لها في معصية الله عز وجل، قال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء:٣٤] لاحظوا قوله: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ} [النساء:٣٤] دل على أن الحق الذي لكم هو الطاعة، فإن فرَّطَتْ في هذا الحق والطاعة كان سبيلكم إلى إرجاع المرأة إليه الوعظ أولاً، ثم الهجر ثانياً، ثم الضرب غير المبرح ثالثاً.

قال الكاساني في البدائع: أمر تعالى بتأديبهن بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن، ونهى عن ذلك إذا أطعن أزواجهن لقوله: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً} [النساء:٣٤] فدل على أن التأديب كان لترك الطاعة فدل على لزوم طاعتهن للأزواج.

وقول الله عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:٢٢٨] فالزوج كالأمير والراعي والزوجة كالمأمور والرعية؛ فيجب عليها بسبب كونه أميراً وراعياً أن تقوم بطاعته كما يجب عليه أن يقوم بحقها ومصالحها، ويجب عليها إظهار الانقياد والطاعة للزوج ذكره الرازي أيضاً.

بل إن صلاح المرأة في طاعة الزوج، قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ} [النساء:٣٤] فأثنى عليهن بصلاحهن، ووصفهن بعد الصلاح بالقنوت، والقنوت هو: الطاعة، والمرأة القانتة هي المطيعة، وتأمل حرف الألف واللام في الجمع بقيد الاستغراق فهذا يقتضي أن كل امرأة صالحة لابد أن تكون قانتة مطيعة ذكره الرازي.

ومعلوم أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ففي البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها، فتمعط شعر رأسها، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقالت إن زوجها -أي: زوج ابنتها- أمرها أن تصل شعرها فقال صلى الله عليه وسلم: (لا.

إنه قد لعن الموصلات -وفي رواية- الواصلة والمستوصلة) ومعنى تمعط شعرها: أي تمزق وتساقط، قال العيني: ووجه الدلالة أن الزوج طلب شيئاً غير شرعي فلم تجز طاعته فيه، ولو كان الطلب شيئاً شرعياً وجبت طاعته.