للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شبابنا والوقت]

كثيراً ما نسمع العبارة الدارجة عند كثير من الذين لا يعرفون للوقت قيمة، عبارة كثير من الشباب: نريد أن نقتل الأوقات، وكما يسميه البعض: الانتحار البطيء، فقتل الوقت هو الانتحار البطيء؛ لأن وقتك هو حياتك.

لا بد أن نفهم أثر هذه العبارة، وألا نجعلها ترسخ في أذهاننا، بل بدلاً منها اغتنام الوقت والمبادرة في الاستفادة من الوقت، قبل كثرة المشاغل على الإنسان، وأنتم أيها الشباب لا زلتم في ريعان الشباب، ولم يتحمل الكثير منكم مسئولية أسرة أو مسئوليات إدارية، أو مسئوليات أعمال، أو نحو ذلك.

فإن أعظم وأنفع وأجدى أوقات الإنسان وقت الشباب، فلا بد أن تغتنموه، لماذا نغتنم أوقات الشباب قبل المشاغل؟ لأن الإنسان لا يستمر فارغاً، فلا بد أن ينشغل إما بالطاعة، وإما بالمعصية، والعياذ بالله.

قال بعض السلف: فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة، فإذا كفر العبد هذه النعمة، وفتح على نفسه باب الهوى والشهوة واللهو والبطالة، تكدر عليه صفاء قلبه.

وقال بعض السلف: الخذلان كل الخذلان أن تتفرغ من الشواغل، ثم لا تتوجه إلى ربك، وأن تقل عوائقك، ثم لا ترحل إلى ربك.

وقديماً قيل: الفراغ للرجال غفلة، وللنساء غِلمة، هذا حال مجتمعنا اليوم، كثيرٌ من الشباب قد وقعوا في شَرَك الفراغ الذي قتلوا به أنفسهم، فوقعوا في الغفلات، لأن الإنسان حينما يكون جاداً عاملاً نشيطاً قد رتب لأوقاته وظائف، فالصباح له وظيفة، والظهر له وظيفة، والعصر له وظيفة، والليل له وظيفة، وبعد العشاء وظيفة النوم، أي: كل شيء تحدد له وظيفة، وتستفيد من وقتك، وتشعر أن حياتك حياة مرتبطة بالأعمال مليئة بالفوائد.

أما كما يقول القائل: الفراغ للرجال غفلة، يكون وقتك غفلة عليك، هذا مما ينبغي أن يهتم به الشباب خاصة شباب مثلكم، أسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه.

وتتمة هذه العبارة" الفراغ للرجال غفلة، وللنساء غلمة" الغلمة هي: اشتداد الشهوة، وتعلق النفس بالشهوة، وهذا هو الواقع، كثير من البنات الآن نتيجة الفراغ اشتد بهن الغلمة، ما هي النتيجة؟ كانت البنت أو المرأة مشغولة من الصباح في بيتها، في أعمالها، في ملابسها، في أوانيها، فإذا جاء الليل؛ وجدتها تنتظر وقت الراحة، أما الآن الخادمة موجودة، والسائق موجود، وكل شيء موجود، إذاً بقين في الفراغ، ترفع سماعة التليفون، وتكلم فلاناً وعلاناً، هذه نتيجة الفراغ مصداقاً لهذا المثل" الفراغ للرجال غفلة وللنساء غلمة"، يقول الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجدة مفسدةٌ للمرء أي مفسدة

الجدة معناها: الثراء في المال.