للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شدة عداوة الروس للمسلمين]

لقد أعلن الروس أنهم لا يعادون الإسلام والمسلمين، في وقت كانت الدبابات تسحق أطفال المسلمين، والمجنزرات تطوي أبدان العجائز والشيوخ بين جنباتها، والطائرات تقصف بيوتهم في أرجون وقروزني، ولم يكف الزعيم الروسي عن الدجل والكذب، مدعياً أنه أصدر أوامره بوقف القصف والزحف على الشيشان، في الوقت ذاته كانت المحطات الفضائية تبث مشاهد المذبحة والاجتياح الشرس.

قد ينبت المرعى على دمن الثرى وتبقى حزازات النفوس كما هي

لقد مرت الإبادة القيصرية والماركسية وقهرت المسلمين في أذربيجان وطاجكستان، بمساعدة الأرمن النصارى، والشيوعيين واليهود، وانتهت بسقوط الاتحاد السوفيتي، ولن يعي الأغبياء في الاتحاد الروسي تلك النهاية الناطقة بوحدانية الله وقدرته، حيث ظن المسلمون واستبعدوا سقوط الاتحاد السوفيتي، وظن الشيوعيون أن حصونهم وسلاح الدمار الشامل، وكل ما ادخروه لمواجهة حلف الأطلسي، ظنوا أن ذلك يمنعهم من الله، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا، ورأى المسلمون فيهم آية من أعظم الآيات.

سقطت الشيوعية بأيدي رجالها، وتحطم الصنم وهوى تمثال لينين، وبالت فوقه الكلاب والقطط، إن الاتحاد الروسي لم يع هذا الدرس، ولم يعتبر بتلك النهاية، فعاد يدعم الصرب المعتدين بالسلاح والجند جهاراً نهاراً، غير مبال بأي قرار دولي يحضر السلاح في المنطقة، وغير خاف على كل متتبع لأخبار المسلمين، أن آخر هدية قدمها الروس لإخوانهم الصرب أربعة آلاف عربة قطار، مملوءة بالذخائر والأسلحة والعتاد، ناهيك عن الطائرات التي نقلت الجند لأجل حصار بيهاتش، ونزعها من يد المسلمين بعد أن حررها المسلمون.

لم يقف أولئك الظلمة على هذا الحد، بل جندوا كل المرتزقة في حرب المسلمين في الشيشان، ومنذ أيام قليلة وقف العالم بأسره ليشاهد الفصل الأخير للنهاية الشيشانية، ظناً من الغرب ويقيناً من الروس، وجزعاً من المسلمين، أن الهجوم الشامل على الشيشان، والتعبئة العامة في مواجهة المسلمين لن تدع لهم بعد ذلك عيناً تطرف، ولن تدع لهم فرصة للمواجهة، سواء بضع ساعات، وكما يسمونها رقصة الديك أو حركة الانتحار.

ففوجئ الروس أن صوتاً إسلامياً صادقاً، ونزعة جهادية طالما اشتاقت لمواجهة الكافرين في ساحة من ساحات الجهاد، قد انبعثت بين ذرات الهواء ونسمات الأفئدة، وتحركت من تحت أنقاض المدن المقصوفة، وإذا بزعيم يخرج للحرب لابساً كفنه، والجيش من ورائه قد لبسوا الأكفان، وهذا هو الذي وقع قبل أيام على حدود قروزني العاصمة الشيشانية، خرج القائد متكفناً لا يريد إلا الموت، وخرج الجند وراءه بالأكفان، لا يريدون إلا الموت، مع تكبير يرجف الأرض رجفاً، ويدوي بين الجبال.

وإذا بكتيبة من عملة المجاهدين الصعبة الشباب العرب قد انضمت إليهم بين عشية وضحاها، تسللت ولاذت وتحركت من طاجكستان ومن البوسنة ومن كل أرض فيها نفوس أبية تتمنى الموت في سبيل الله، فراع هؤلاء الكفار ذلك التكبير والنشيد، نشيد الغرام والحب والشوق إلى الموت والشهادة في سبيل الله، يقول قائلهم ويرددون وراءه:

لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحمى لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما

لبيك إن عطش اللواء سكب الشباب له الدماء

لبيك لبيك لبيك.

في هذه الأيام تقدم الروس إلى العاصمة الشيشانية، وكأنهم يرددون ما قاله أبو جهل يوم بدر: لنقاتلن محمداً وصحبه، فلنقتلهم ولننحرن الجزور بأرضهم، فتغني القيان، وتسقينا الخمر، وتسمع بنا العرب، فلا تزال تهابنا الدهر أبداً، خرج الروس إلى الشيشان ينفقون أموالاً {ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} [الأنفال:٣٦] خرجوا بطراً ورئاء الناس، لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، ولما تقدموا خطوات إلى العاصمة الشيشانية قروزني راعهم وهالهم جيش حداؤه التكبير، وأمنيته الشهادة، وحل بالروس ما لم يكن في حسبانهم، وبدا لهم ما لم يكونوا يحتسبون.

حل بالروس مذبحة طالما اشتقناها لتشفى صدورنا -يا عباد الله- طالما اشتقنا في الكفار ذبحاً وقتلاً، ودماء ونزيفاً يشفي صدورنا من كل عرض اغتصب، ومن كل طفلة انتهكت، ومن كل امرأة تعاقب عليها الكفار في عفتها، ومن كل مسلم طردوه من بيته، وأحرقوا زرعه وسلبوا ماشيته، من كل شاب عفيف فعلت به الفاحشة، طالما اشتقنا إلى مذبحة، يشفي بها الله صدورنا وقلوبنا من هؤلاء الكفار.

حل بالروس مذبحة لن تبلغ وكالات الإعلام الدولية نصف وصفها بل ولا ربعها، ثم طفق المسلمون الشيشان مسحاً بالسوق والأعناق في رقاب الروس وأقدامهم، وانضمت كتائب العرب يرسلون من كل حدب إلى الشيشان، ورأى الروس نار المعركة فظنوا أنهم مواقعوها، ولم يجدوا عنها مصرفا، وفي تلك اللحظات يفيق الروس لحظة من سكر التسلط والقهر، ليسمعوا من يهودي يدعى كيسنجر قوله: إن المضي في هذا الهجوم قد يسقط الرئاسة الحالية.

ولو شاء لقال: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل:١٤] إن المضي في هذا الهجوم يثير حفيظة المسلمين من جديد.

إن احتدام النار في جوف الثرى أمر يثير حفيظة البركان

ثم امتنع ستة من الجنرالات عن مواصلة المعركة، وتدخل خنزير نجس من الغرب لينصح الروس بعدم المضي في هذا الطريق، الذي يفجر الجهاد ويستثير حمية المسلمين كلهم، وربما اندلعت عدوى الجهاد إلى الأنقوش والقوقاز وإلى كل مكان، نصح ذلك الخنزير قومه وأولياءه بعدم المضي في هذا الطريق، الذي يفجر على الأرض موقعاً جديداً.

أيها المسلمون: بشروا القاتل بالقتل ولو بعد حين، لقد تفرج الطواغيت على رحلة الهروب وهم يضحكون، تفرجوا على رحلة الهروب من الجحيم إلى الموت، هروب العجائز والشيوخ والأطفال والنساء، ووقفوا يقهقهون على صور النائحات والثكالى على أبنائهم، تحت أنقاض المنازل بعد القصف، وما هي إلا أيام ثم دارت رحى الحرب من جديد.

وفي القتلى لأقوام حياة وفي الأسرى فدى لهم ورق

وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:٥] بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب؛ إنه هو الغفور الرحيم.