للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الولاء والبراء عقيدة جميع الأنبياء]

أيها الأحبة! الولاء والبراء ليس شريعة جاءت فيما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وحده، بل الولاء والبراء عقيدة الأنبياء المرسلين جميعاً، والله سبحانه تعالى لما ذكر أولي العزم من أنبيائه ورسله، وذكر صفوة خلقه من أنبيائه ورسله، قال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠] أي: فنحن مأمورون أن نقتدي بنبينا وبهدي الأنبياء الذي لا يختلف مع هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد جاء في كتاب الله عز وجل: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ} [الممتحنة:٤] انظروا إلى صريح المفارقة، وصريح المقاطعة، وإلى الكلمات التي لا تجد في أحرفها أدنى شبهةٍ من المجاملة، أو المداراة، أو التميع، أو التقرب: {كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة:٤].

فهذا إبراهيم عليه السلام خليل الله، صاحب الملة الحنيفية الذي حطم الوثنية نادى بالولاء والبراء كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ} [الزخرف:٢٦ - ٢٨] تتوارثها أجياله من الأنبياء وأتباعه: {وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف:٢٨] وهي كلمة (لا إله إلا الله) المتضمنة والمشتملة على حقيقة الولاء والبراء، ولا تزال هذه العقيدة عقيدة الولاء والبراء باقيةً تتوارثها أجيال الأنبياء والمرسلين، فمن هنا نعلم أن الولاء والبراء ليس أمراً جديداً جاء في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، بل هو أمر قديم، بل هو دين الأنبياء والمرسلين جميعاً؛ لأن جميع الأنبياء والمرسلين دينهم واحدٌ وهو إفراد الله وتوحيده بالعبادة، وهذا يقتضي مقاطعة أهل الشرك وأهل الكفر وأهل الأوثان وأهل الجاهلية ولم يتخلف عن ذلك نبي من الأنبياء.