للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آثار الزنا الخلقية والخُلقية

أيها الإخوة في الله! إن الزنا مرضٌ خُلقيٌّ خبيثٌ؛ لا يظهر ويشيع إلا في المجتمعات المنحرفة التي تدنت إلى رجس الجاهلية وقذارتها، وإن الزاني رجلٌ منحرفٌ قد مسخت فطرته وانقلبت، كيف لا والخالق سبحانه وتعالى قد قرنه مع المشركين وقاتلي الأنفس التي حرمها الله بغير حق! وكيف لا يكون الزاني كذلك وقد انتهك عرضاً! واستحل حرمةً! وزرع بذرةً في أرض غيره! ولو تبصرت بعين العقل، وتأملت بعين الفكر طفلةً ضائعةً شريدةً جاءت ثمرة مرة لشهوة لحظة، هذه الطفلة الغضة البريئة، أو هذا الطفل الغض البريء، ماذا جنى أحدهما؟ يفتح عينه على الحياة، فلا يجد إلا أحضان مومسةٍ تتلقفه، أية جريمة اقترفها أحدهما حتى يحرم من حقوق الرضاعة والنفقة والحضانة؟! أية جريمة اقترفها حتى يحرم من دفء الحياة ونعيمها بين أبوين شرعيين؟! أيها الإخوة! ليس هذا اعتراضاً على قدر الله، بل هو مضاعفة وتوجيه لإثم كل ذلك على الزاني الذي تسبب في ذلك وأحدثه في المجتمع، إن الزاني النجس قد يصور له وهمه أنه كالفراشة ينتقل من زهرة إلى زهرة، من امرأة إلى امرأة، من فتاة إلى فتاة، من غصن إلى غصن، لكن تصوره خاطئ، إنه -والله- كالكلب ينتقل من جيفة إلى جيفة قذرة، من جيفة نتنة إلى جيفة عفنة، يصور لنفسه أنه يعيش حياة الانطلاق والانفتاح، وفي الواقع أنه يعيش أسير المعصية، سجين الأوهام، يعيش ضائعاً تائهاً شريداً، لا يستطيع الإقدام على الزواج ومسئولياته كما يقدم الرجال، لأنه مصابٌ بنقصٍ في رجولته، وانحرافٍ في طبيعته، أما الزانية فإنها مخلوقةٌ شاذة، وشذوذها لا يتفق مع طبيعة الرجل العادية من الناحية العقلية والنفسية والجنسية والأخلاقية، فالزانية مسلوبة الشرف والعفاف ظاهرة اللؤم والخداع والنفاق، ترضي كل طارق، وتدعي حب كل زاني، تبتسم ابتسامةً ملؤها النفاق والخداع، وتقبل عن نفس سقيمة عليلة، وروح خادعة غاشة، ألقت برقع الحياء عن وجهها، ولبست ثوب الخبث والخديعة والرذيلة والخيانة، لا كرامة لها، ولا قوام لأخلاقها، عقيدتها فاسدة، ورأيها ضال، فلا تصلح أن تكون شريكة رجل مسلم مهذب النفس قويم الأخلاق، حسن الطباع، وصدق الله جل وعلا: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النور:٢٦] إلا من تاب وأقلع، فإن التوبة تجب ما قبلها، وتمسح ما كان سالفاً قبلها، ويعود كل إنسان اقترف جريمة بعد توبته طاهراً مطهراً، إذا كانت توبته نصوحاً صادقة.