للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أن الدين الإسلامي متعدد الجوانب والمجالات]

أحبتنا في الله! اعلموا أن هذا الدين متعدد الجوانب والمجالات، في شتى مناحي الحياة، وعلى ذلك سيكون العلم لهذا الدين في شتى المجالات، وفي شتى نواحي الحياة، ومن الظلم أن يطلب من الناس كلهم أن يكونوا خطباء، أو أن يكونوا محاضرين، أو أن يكونوا علماء، أو أن يكونوا مجاهدين، لكن الله جل وعلا قد يسر العباد كلٌ لما خلق له، فمن فتح له باب الجهاد فليجاهد في سبيل الله، وليبتغي بذلك وجه الله، وجنةً عرضها السماوات والأرض، وليس من العدل أو العقل أن نقول لمن نراه مشتاقاً إلى الجهاد، أن نقول: إن عملك هذا ليس بدعوة، إنما الدعوة أن تحضر إلى حلقات العلم، فقد فتح له باب الجهاد فليمضِ إلى فوزٍ من الله ونصرٍ ورحمةٍ وشهادة، ومن الناس من فتح له مزاحمة العلماء بالركب في مجالس العلم، فمن الظلم أن نقول له: إن العمل الإسلامي هو الجهاد.

وهذا قد يسر لطلب العلم، وقد فتح له باب البحث والقراءة والرواية والدراية، فمن الظلم أن نقيمه من حلقة علمه، لنقول له: اذهب وجاهد في أفغانستان، أو في أي مكانٍ من الأماكن، قد فتح له باب العلم والبحث والاستنباط والتنظير، فهذا ينبغي أن يدعى له، وأن يؤيد في هذا المجال، فلنعلم ذلك جيداً -أيها الأحبة في الله- ومن الخطأ أن يثرب أو أن نسمع الملامة من بعضنا على بعض، يوم أن نرى مجاهداً فنقول: هذا لا يعمل عملاً كاملاً، إنما العمل في الحلقات، أو أن نرى طالب علمٍ في مسجده وحلقته وحلقة شيخه، فنقول: هذا لا يعمل شيئاً، إنما العمل في الجهاد تحت الرصاص والنار، والبعض قد ينال من حظ أو من مكانة أخيه فيقول: شتان شتان ما بيني وبينه، أنا مجاهدٌ هناك عند الدبابات والطائرات، وهذا تحت مكيفه عند الورقات والكتب ونحوها، هذا من وسوسة الشيطان، ومن باب العجب الذي هو محبطة العمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله! بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تستمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.