للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شهادة الله على عباده]

أيها الأحبة في الله: من استقرأ كتاب الله جل وعلا أدرك شيئاً على حسب فهمه وقدراته وإدراكه، أدرك علماً على حسب ما آتاه الله جل وعلا من الفهم، ومن ذلك يدرك أن هناك سبعة من الشهود على بني آدم، هناك شهود عليكم -يا معاشر المؤمنين! - وأعظم وأجل وأكبر شهادة هي شهادة الله جل وعلا على عباده، فهو الذي خلقهم من العدم، وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئاً، وهداهم إلى الإسلام، ووفقهم وآتاهم النعم التي لا تحصى، فالله شهيد على عباده، ومن أجل هذا جاءت الآيات كثيرة في كتاب الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً} [النساء:٣٣] فالله شهيد على أعمالكم، وشهيد على كل صغير وكبير من الأعمال التي تفعلها جوارحكم، ويقول الله جل وعلا: {وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران:٩٨] مطلع على أعمالكم: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} [سبأ:٣]، ويقول الله جل وعلا: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:١٠٥]، ويقول جل وعلا: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق:١٦] علم الله عمل العبد سابقاً لابتدائه واستئنافاً لفعله، علم الله لأعمالنا سابقاً لها، فهو عالم بأعمالنا وما نجترحه، وهو يعلم ما توسوس به نفوسنا، وما تحدث به قلوبنا قبل أن يصل الأمر إلى حركة الشفاه أو أفعال الجوارح، فهذه شهادة عظيمة جليلة من الله عليكم يا معاشر المؤمنين، فمن تيقن هذا وراقب الله سبحانه وتعالى وأدرك أن الله شاهد شهيد مطلع رقيب حسيب عليه لم يجترئ على معصية من المعاصي، ولم يجترئ على أن يقابل نعم الله بالجحود والكفران.