للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تجاوز الاختلاف المشروع إلى التدابر والقطيعة]

العجيب الذي يقع: أن ترى من بعض الشباب حينما يقع الخلاف أنهم يتدابرون ويتقاطعون، ويغتاب بعضهم بعضاً، ويتكلم بعضهم في عرض بعض، وربما أصبح هذا البر الطيب المبارك الخير يتكلم في عرض آخر مثله، وله مثل هذه الصفات، ولا يتكلم في عرض فاسق أو فاجر، وليست هذه دعوة إلى الكلام بأعراض الفساق والفجار أبداً، إنما هي دعوة إلى العمل، الكلام يا أحباب لا ينتج ولا يقدم شيئاً، نريد عملاً جاداً يفضي إلى تحقيق نتائج ترد عباد الله إلى عبادة الله وحده لا شريك له، إن الله عز وجل قال: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود:١١٨ - ١١٩] لكن الله سبحانه وتعالى نهى عن التفرق، فالخلاف ممكن، والتفرق ممنوع {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران:١٠٣] {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:٤٦] {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام:١٥٩] فالخلاف وارد، ولا يمكن في مسألة اجتهادية أني ألزمك برأيي، ولا يمكنك أنت أنك تلزمني برأيك، إذا كان الخلاف سائغاً، وفي مسائل لا ترتبط بمصير أمة، أو بمصلحة مجتمع بالكامل، أما إذا كانت هذه المسألة التي اختلف فيها المختلفون مرتبطة بمصير أمة، أو بقضية استراتيجية كقضية أمن، فحينئذٍ نرجع إلى عالم قد تعلقت الأمة برقبته، وأصبح قوله وفتواه بمنزلة حكم الحاكم الذي يرفع الخلاف، وإذا أمر ولي الأمر بلزوم قول هذا المفتي، لزمنا جميعاً أن نعمل به، وكلٌ يحمل في قلبه ما يعتقد.