للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عُمَرُ يَوْماً لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ : فِيمَ تَرَوْنَ هذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ﴾ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ، فَغَضِبَ عُمَرُ فَقَالَ: قُولُوا نَعْلَمُ أَوْ لا نَعْلَمُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ أَخِي قُلْ وَلَا تَحْقِرْ نَفْسَكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلًا لِعَمَلٍ، قَالَ عُمَرُ: أَيُّ عَمَلٍ؟ قَالَ: لِعَمَلٍ، قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ غَنِيَ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ ﷿ ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ (١).

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

• عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَصْحَابَ نَخْلٍ فَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي مِنْ نَخْلِهِ عَلَى قَدْرِ كَثْرَتِهِ وَقِلَّتِهِ وَكَانَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْقِنْوِ وَالْقِنْوَيْنِ فَيُعَلِّقُهُ بِالْمَسْجِدِ وَكَانَ أَهْلُ الصُّفَّةِ (٢) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا جَاعَ أَتَى الْقِنْوَ فَضَرَبَهُ بِعَصَاهُ فَيَسْقُطُ مِنَ الْبُسْرِ والثَّمَرِ فَيَأْكُلُ وَكَانَ نَاسٌ مِمَّنْ لَا يَرْغَبُ فِي الْخَيْرِ يَأْتِي أَحَدُهُمْ بِالْقِنْوِ فِيهِ الشِّيصُ وَالْحَشَفُ وَبِالْقِنْوِ قَدِ انْكَسَرَ فَيُعَلِّقُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنْفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّآ أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ﴾ ﴿تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ﴾،


= الخالي من الولد لا يحب ذلك لأنه إتلاف مال نامٍ وهذا تمثيل لنفقة المرائى في ذهابها وعدم نفعها في الآخرة وهو أحوج ما يكون لها.
(١) فالآية مثل لشخص أطاع ربه طويلا بماله وبدنه ثم ضل فبدل حسناته بسيئات فإنه يكون أكثر الناس ندما في الآخرة لتضييعه ما هو أشد الناس حاجة إليه الآن، نسأل الله التوفيق آمين.
(٢) كان يقيم بالمسجد النبوى فقراء لا ملك ولا كسب لهم وهم أهل الصفة وكان للأنصار نخل فكانوا يأتون بالقنو والقنوين فيعلقونه في المسجد ليأكل منه أهل الصفة ولكن بعضهم يأتى بالقنو الذي انكسر على نخلة وبعضهم يأتي بالذي فيه الشيص والحشف أي رديء التمر، فنزلت الآية ومعناها باختصار: يا أيها المؤمنون أنفقوا من أحسن كسبكم ومن أحسن ما أخرج الله لكم من الأرض من حب وثمر ولا تنفقوا من ردئ المال فإنكم لا تقبلونه من غيركم إلا بتساهل وحياء فكيف تقدمونه لله تعالى الذي خلقكم وخلق لكم تلك النعم واعلموا أن الله غني عنكم وعن أعمالكم، حميد: أي محمود في كل حال، فصارت الأنصار بعد هذا تنفق من صالح أموالها.

<<  <  ج: ص:  >  >>