للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ.

• عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ لِي: «يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِراً؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْناً (١)، قَالَ: «أَفَلَا أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِيَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَداً قَطُّ إِلا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا اللَّهُ أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحاً» (٢). فَقَالَ: «يا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ أُعْطِكَ، قَالَ: يَا رَبِّ تُحْيِيني فَأُقْتَلُ فِيكَ ثَانِيَةً، قَالَ الرَّبُّ ﷿: إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّي أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لا يُرْجَعُونَ (٣)، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ هذِهِ الْآيَةُ: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾».

• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: إِنَّا سَأَلْنَا عَنْ ذلِكَ فَأُخْبِرْنَا أَنَّ أَرْوَاحَهُمْ فِي طَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءتْ وَتَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّكَ اطِّلَاعَةً (٤) فَقَالَ: هَلْ تَسْتَزِيدُونَ شَيْئاً فَأَزِيدَكُمْ؟ قَالُوا: رَبَّنَا وَمَا نَسْتَزِيدُ وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ حَيْثُ شَئْنَا ثُمَّ اطَّلَعَ إِلَيْهِمُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ: هَلْ تَسْتَزِيدُونَ شَيْئاً فَأَزِيدَكُمْ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَمْ يُتْرَكُوا قَالُوا: تُعِيدُ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَامِنَا حَتَّى نَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَنُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى.


(١) ترك عدة بنات وترك عليه دينًا ثمانين وسقا.
(٢) أي بدون حجاب.
(٣) تمن عليّ أي اطلب ما تشاء أعطك، قال: ترجعني إلى الدنيا فأجاهد في سبيلك فأقتل مرة أخرى، قال تعالى: "قضت حكمتي أن أهل الدنيا إذا ماتوا لا يرجعون لها".
(٤) أي كشف الحجب عنهم وأمرهم أن يطلبوا ما يشتهون، فقالوا: يا رب ماذا نطلب ونحن نتمتع بكل شيء في الجنة؛ فأعاد عليهم مرة ثانية فلما رأوا أنهم لن يتركوا حتَّى يطلبوا شيئًا قالوا: يا رب إن كان لنا طلب فارجعنا إلى الدنيا لنقتل في سبيلك، فقال "لا رجعة لها" قالوا: تبلغ نبينا عنا السلام وتخبره بما نحن فيه، فأنزل الله تعالى ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>