(٢) ﴿إلا تنصروه﴾ أي محمدًا ﷺ ﴿فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا﴾ أي ألجأوه للخروج من مكة لما تآمروا على حبسه أو نفيه أو قتله ﴿ثاني اثنين﴾ أحد اثنين هو وأبو بكر ﴿إذ هما في الغار﴾ غار ثور ﴿إذ يقول لصاحبه﴾ أبي بكر حينما رأى المشركين وقال: يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى قدميه لأبصرنا ﴿لا تحزن إن الله معنا﴾ بحفظه ونصه. ﴿فأنزل الله سكينته عليه﴾ وعلى صاحبه ﴿وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا﴾ دعوة الشرك ﴿السفلى﴾ أي المغلوبة، ﴿وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم﴾. (٣) فإن المشركين اجتمعوا بدار الندوة يوم السبت للتآمر عليه ﷺ وبعد أخذ ورد اتفقوا إذا جاء الليل يخرجون النبي ﷺ من بيته ويقتلونه؛ فأخبر جبريل النبي ﷺ فأمر عليًّا فنام مكانه على فراشه ثم خرج ﷺ وكان واعد أبا بكر أن يلقاه في غار ثور؛ فدخلاه فكمنا فيه فلما كان الليل دخل الكفار بيت النبي ﷺ فوجدوا عليا فأسفوا أشد الأسف وأرسلوا القافة في كل طريق يتتبعون الأثر، فسار فريق منهم يتتبع الأثر إلى الغار ثم وقف فقال: إلى هنا انقطع الأثر ولا أدري أين ذهب، فقال أحدهم: ادخلوا هذا الغار؛ فنظروا إليه فإذا نسيج العنكبوت على بابه والحمام على بيضه؛ فقالوا: إن عليه عنكبوتًا أقدم من ميلاد محمد ﷺ ولو دخله لتمزق وتكسر بيض الحمام؛ فوقفوا حيارى، وكان أبو بكر ينظرهم ويخافهم كما في الحديث فالله تعالى أعماهم وخذلهم وحفظ نبيه وصاحبه ونصرهم وبعنايته أحاطهم كما قال البوصيري ﵁: وقاية الله أغنت عن مضاعفة … من الدروع وعن عال من الأطم