للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ إِذْ أَبْصَرَ الْخَضِرُ غُلَاماً يَلْعَبُ مَعَ الْغلْمَانِ فَأَخَذَ الْخَضِرُ رَأْسَهُ بِيَدِهِ فَاقْتَلَعَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ لَهُ مُوسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً (١)﴾ ﴿قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً﴾ قَالَ: وَهذِهِ أَشَدُّ مِنَ الْأُولَى (٢)، قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلْغَتْ مَنْ لَدُنِّي عُذْرًا (٣) ﴿فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ (٤) قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً﴾، فَقَالَ مُوسى: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً، قَالَ: ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً (٥)﴾، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «وَدِدْنَا أَنَّ مُوسى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا (٦)». قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذ


(١) منكرا عظيما، روى أن الخضر غضب من رد موسى عليه كثيرا فعاد فاقتلع كتف الصبى الأيسر وقشر اللحم عنه فإذا مكتوب فيه كافر لا يؤمن بالله أبدا فهدأ موسى .
(٢) وهذه أي كلمة الخضر أشد من الأولى لزيادة لك.
(٣) أي أعذرتني مرة بعد أخرى فلا اعتذار بعد هذا.
(٤) القرية هي أنطاكية، واستطعما أهلها طلبا منهم الطعام بضيافة فأبوا فسارا فرأيا جدارا مائلا يكاد يسقط على من يمر بجواره فأمر الخضر يده عليه فاعتدل (وكان ارتفاع الجدار مائة ذراع وعرضه خمسين وامتداده على الأرض خمسمائة).
(٥) بقية القصة (أما السفينة) التي خرقتها ﴿فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ﴾ يسترزقون منها ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ كافر ﴿يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ﴾ سليمة ﴿غَصْبًا (٧٩) وَأَمَّا الْغُلَامُ﴾ الذي قتلناه ﴿فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا﴾ فإنه طبع كافرا من نشأته ﴿فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا﴾ أوصل للرحم فأبدلهما الله بنتًا تزوجت نبيا فولدت نبيا فهدى الله به أمة عظيمة ﴿وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا﴾ هو ذهب وفضة كما رواه الترمذي ﴿وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ﴾ ما ذكر من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ﴿عَنْ أَمْرِي﴾ بل بأمر وإلهام من الله تعالى ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا﴾.
(٦) ولأبي داود: رحمة الله علينا وعلى موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب ولكنه قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني.

<<  <  ج: ص:  >  >>