للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ هَلْ تَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْشٍ (١)؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: انْظُرُوا إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ غَداً أَنْ تَحْصِدُوهُمْ حَصْداً وَأَخْفَى بِيَدِهِ وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ (٢) وَقَالَ: مَوْعِدُكُمُ الصَّفَا قَالَ: فَمَا أَشْرَفَ لَهُمْ أَحَدٌ يَوْمَئِذٍ إِلا أَنَامُوهُ (٣) وَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ الصَّفَا (٤) فَجَاءَتِ الْأَنْصَارِ فَأَطَافُوا بِالصَّفَا فَجَاءِ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ (٥) بَعْدَ الْيَوْمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ (٦)» وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رأَفةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ (٧) وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ (٨) قَالَ: «قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأَفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ أَلَا فَمَا اسْمِي إِذَاً (٩) أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ (١٠) هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ (١١)» قَالُوا: وَاللَّهِ مَا قُلْنَا ذلِكَ إِلا ضِنًّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ (١٢)».


(١) الأوباش: الخليط من قبائل شتى.
(٢) يشير إلى إبادتهم.
(٣) ما تعرض لهم أحد إلا قتلوه.
(٤) بعد أن دخلوا في اليوم الثاني وطاف رسول الله بالبيت وصعد الصفا كما وعدهم قبلها بيوم.
(٥) هلكت جماعة قريش واستؤصلت ويعبر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة.
(٦) أبو سفيان رأس قريش وشيخها في كل أطوارها السالفة فلما فتحوا مكة وقتل منهم من قتل حل بأبي سفيان ما يهون الموت بجواره فأراد النبي أن يجبر من كسره ويرفع من شأنه، فقال: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
(٧) الرجل: النبي ، والعشيرة: قريش، والقرية: مكة.
(٨) يخبره بقول بعض الأنصار.
(٩) قالها ثلاثا.
(١٠) يشير إلى أنه أكمل الخلق وأفضلهم حيث اصطفاه الله لرسالة تبقى ما دامت الدنيا. قال حسان :
أغر عليه للنبوة خاتم … من الله من نور يلوح ويشهد
وضم الإله اسم النبي إلى اسمه … إذا قال في الخمس المؤذن أشهد
وشق له من اسمه ليجله … فذو العرش محمود وهذا محمد
(١١) أي فحياتي ومماتي معكم.
(١٢) فما قلنا ذلك إلا لشدة حرصنا على بقائك معنا، فصدقهم النبي وعذرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>