للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الأثير: ويروى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "خُرَافَةُ حَقٌّ" (١)؛ أي: حديثه.

وقد نطق القرآن العظيم أن من الجن صالحين - كما تقدمت الإشارة إلى ذلك - وهم إخوان المؤمنين من الإنس، وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في العظم والبعر: "فَإِنَّهُما طَعامُ إِخْوانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ" (٢) - كما تقدم - وقال في الطاعون: " [وخز] أَعْدائِكُمْ مِنَ الْجِن" (٣)، فسماهم أعداء لأن المؤمنين من الجن لا يطعنون المؤمنين من الإنس، وأما ما اشتهر على الألسنة: "وَخْزُ إِخْوانِكُمْ" فإنه لفظ منكر لم ترد به الرواية، كما نبه عليه ابن حجر في "بذل الماعون" (٤).

وبذلك يتضح أن إخبار الأنصاري عن طعام الجن أنه كل ما لم يذكر اسم الله عليه أراد به الإخبار عن الجن الكفار الذين سبَوه أولاً، فلا تعارض بينه وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ" لأنه في مقام الدعوة والتكليف لمؤمنيهم، ممَّا يدل على أن الجن متعبدون بشريعته - صلى الله عليه وسلم - كما نقل ابن عطية، وغيره الإجماع على ذلك، [ويدل عليه]: ما رواه الإمام أحمد، والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي، وأبو نعيم كلاهما في "الدلائل" عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى


(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٢/ ٢٥).
(٢) تقدم تخريجه قريباً.
(٣) سيأتي تخريجه.
(٤) وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>