للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذاً: التقوى في سائر الأعمال شرط لصلاحيتها؛ إذ لا يكون منها صالحًا إلا ما كان متقبلاً، ومن ثَمَّ لمَّا قيل لسفيان: أرى الناس يقولون: سفيان الثوري وأنت تنام الليل؟ فقال: اسكت! ملاك هذا الأمر التقوى (١).

أي: فإذا حَصَلت، كفى معها العمل القليل.

وقال فَضَالة بن عُبيد رضي الله تعالى عنه: لأن أكون أعلم أن الله تعالى يتقبل مني مثقال حبة من خردل، أحب إليَّ من الدنيا وما فيها؛ لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٢٧)} [المائدة: ٢٧]. رواه ابن أبي الدُّنيا (٢).

وروى أبو يعلى بسند جيد، عن الحكيم بن ميناء مرسلاً: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجْمَعْ لِيْ مَنْ هَاهُنا مِنْ قُرَيْشٍ"، فجمعهم، ثم قال: يا رسول الله! أتخرج إليهم، أم يدخلون؟ قال: "بَلْ أَخْرُجُ إِلَيْهِمْ"، فخرج فقال: "يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! هَلْ فِيْكُمْ غَيْرُكُمْ؟ " قالوا: لا إلا بنو أخواتنا، قال: "ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ"، ثم قال: "يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! إِنَّ أَوْلَىْ النَّاسِ بِالنَّبيِّ الْمُتَّقُوْنَ؛ فَانْظُرُوْا! لا يَأْتِيْ النَّاسُ بِالأَعْمالِ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَتأتُوْنَ بِالدُّنْيَا تَحْمِلُوْنهَا فَأَصُدَّ عَنْكُمْ بِوَجْهِيْ"، ثم قرأ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٧/ ٨).
(٢) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>