للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزعوا من قلوبهم الشك، وعلموا أن لي جنةً وناراً، وأني أحي وأميت، وأبعث من في القبور، ولم أتخذ صاحبة ولا ولدًا؛ فإن توفيتهم بيسير من العمل وهم يوقنون بذلك جعلته عظيمًا.

هل تدري يا داود من أسرع الناس مَرًّا على الصراط؟ الذين يرضون بحكمي وألسنتهم رطبة من ذكري.

هل تدري يا داود أي المؤمنين أحب إلي؟ الذي إذا قال: لا الله إلا الله اقشعر جلده، إني أكره له الموت كما يكرهه (١) الوالد لولده، ولا بد له منه، إني أريد أن أُسره في دار سوى هذه [الدار]؛ فإن نعيمها فيها بلاءً، ورخاءها فيها شدة، فيها عدو لا يألوهم فيها خَبالاً، من أجل ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة، لولا ذلك ما مات آدم وولده حتى ينفخ في الصور.

يا داود! [إني أدري] ما تقول في نفسك؛ تقول: قطعت عنهم عبادتهم؛ أما تعلم ما أثيب المؤمن على عشرة يعثرها؟ فكيف إذا ذاق الموت، وهو أعظم المصيبات، وهو بين أطباق التراب؟ إنما أحبسه طول ما أحبسه لأعظم له الأجر، وأجري عليه أحسن ما كان يعمل إلى يوم القيامة.

يا داود! من أجل ذلك سميت نفسي أرحم الراحمين (٢).


(١) في "أ" و"ت": "يكره".
(٢) رواه وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٤٦)، وروى طرفا منه ابن أبي الدنيا =

<<  <  ج: ص:  >  >>