للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا إلى حزن الآخرة.

فقال ابن أبي ليلى: لو قد سمعتها قبل أن ألي ما وليت لهم شيئاً (١).

وروى الحكيم الترمذي عن عبد العزيز بن أبي روَّاد قال: بلغني أن قاضيًا كان في زمن بني إسرائيل بلغ من اجتهاده أن طلب إلى ربه أن يجعل بينه وبينه علمًا، إذا هو قضى بالحق عرف ذلك، فإذا هو قصر عن الحق عرف ذلك، فقيل له: ادخل منزلك فمد يدك في جدارك، ثمَّ انظر كيف تبلغ أصابعك من الجدار، فاخطط عندها خطًّا، فإذا أنت قمت من مجلس القضاء فارجع إلى ذلك الخط فامدد يدك إليه؛ فإنك متى ما كنت على الحق فإنك ستبلغه، وإن قصرت عن الحق قصر بك.

فكان يغدو إلى القضاء وهو مجتهد، فكان لا يقضي إلا بحق، وإذا قام من مجلسه وفرغ لم يذق طعاماً ولا شرابًا، ولا يفضي إلى أهله بشيء حتى يأتي ذلك الخط، فإذا بلغه حمد الله، وأفضى إلى كل ما أحل الله له من أهل ومطعم ومشرب.

فلمَّا كان ذات يوم وهو في مجلس القضاء أقبل إليه رجلان يريدانه، فوقع في نفسه أنهما يريدان أن يختصما إليه، وكان أحدهما له صديقًا وخَدَنًا، فتحرك قلبه عليه محبة أن يكون الحق له فيقضي له به، فلما أن تكلما كان الحق على صاحبه، فقضى عليه، فلما قام من


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٤/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>