للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأبناء قال: ذكروا عند رابعة عابداً من بني إسرائيل ينزل من متعبده في كل سنة، فيأتي مزبلة على باب الملك، فيلتقم من فضول مائدته، فقال رجل عندها: وما على هذا إذ كان له هذه المنزلة أن يسأل الله أن يجعل رزقه من غير هذا؟

فقالت رابعة: يا هذا! إن أولياء الله إذا قضي لهم قضاء لم يسخطوه (١).

وروى الإِمام أحمد في "الزهد"، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى: أن الله تعالى قال لموسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون: ولا تغرنكما بزَّته، ولا ما متع به، ولا تمدان إلى ذلك أعينكما؛ فإنها زهرة الدنيا وزينة المترفين، وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون حين ينظر إليها أن مقدرته [تعجز] عن مثل ما أوتيتما فعلت، ولكن أرغب بكما عن ذلك، وأزويه عنكما، وكذلك أفعل بأوليائي، وقديمًا ما خرت لهم في أمور الدنيا؛ فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مواقع الهَلَكة، وإني لأجنبهم سكونها (٢) وعيشها كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة، وما ذلك لهوانهم علي، ولكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالماً موفراً لم تكلمه


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الأولياء" (ص: ٢٤).
(٢) في "الزهد": "سلوتها" بدل "سكونها".

<<  <  ج: ص:  >  >>