(حديثا)، اسم لما يخبر، أو هو اسم مصدر لفعل حدّث الرباعي وزنه فعيل.
[الفوائد]
الموت حق -الإنسان صائر إلى الموت لا محالة، قال تعالى {كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} وقال تعالى {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ} وقال تعالى {وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} والمقصود أن كل أحد ميت لا محالة، ولا ينجيه من ذلك شيء سواء جاهد أو لم يجاهد.
فالموت حتم في موعده المقدور لا علاقة له بالحرب والسلم ولا علاقة له بحصانة المكان الذي يحتمي به الفرد، فلا يؤخره إذن تأخير تكليف القتال عنه.
فلا معنى إذن لتمني تأجيل القتال ولا معنى لخشية الناس في قتال أو غيره.
تلك لمسة يعالج فيها القرآن كل ما يهجس في خاطر المسلم عن هذا الأمر.
وإنه ليس معنى هذا ألا يأخذ الإنسان حذره وحيطته وكل ما يدخل في طوقه من استعداد وأهبة... فقد سبق أن أمرهم الله بأخذ الحذر، وأمرهم بالاحتياط في صلاة الخوف، ولكن هذا كله شيء وتعليق الموت والأجل به شيء آخر. إن أخذ الحذر واستكمال العدة أمر يجب أن يطاع وله حكمته الظاهرة والخفية ووراءه تدبير الله، وإن التصور الصحيح لحقيقة العلاقة بين الموت والأجل المضروب-رغم كل استعداد واحتياط-أمر آخر يجب أن يطاع، وله حكمته الظاهرة والخفية.
-قوله تعالى {أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} هذه الآية تقف الإنسان مع قدره المحتوم من الموت وتجسد هذه الفكرة وتعمّقها في النفس والوجدان بمختلف الأساليب وتجعل منها صورة فنية رائعة تدهش العقل والحس فالموت يجسد كأنه مخلوق عن طريق الاستعارة المكنية في قوله يدرككم ثم يسبح الخيال ليتملّى قدرة الموت على الوصول إلى أي مكان وأي اتجاه في قوله تعالى {أَيْنَما تَكُونُوا} ثم يخيب الظن في أي محاولة للنجاة بقوله {وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} فها نحن مع النفس الإنسانية التي تتوارى من الموت في كل سبيل وفي كل اتجاه حتى