شبه برؤوس الشياطين دلالة على تناهيه في الكراهية وقبح المنظر، لأن الشيطان مكروه مستقبح في طباع الناس، لاعتقادهم أنه شر محض لا يخالطه خير، فيقولون في القبيح الصورة: كأنه وجه شيطان، كأنه رأس شيطان. وإذا صوّره المصورون: جاؤوا بصورته على أقبح ما يقدر وأهوله، كما أنهم اعتقدوا في الملك أنه خير محض لا شر فيه، فشبهوا به الصورة الحسنة. قال الله تعالى «ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلاّ مَلَكٌ كَرِيمٌ».
٣ - سر العطف ب «ثم»: في قوله تعالى «ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ» سر لطيف المأخذ، دقيق المسلك، فإن في معنى التراخي وجهين: أحدهما، أنهم يملئون البطون من شجر الزقوم، وهو حارّ يحرق بطونهم ويعطشهم، فلا يسقون إلا بعد مليّ تعذيبا بذلك العطش، ثم يسقون ما هو أحرّ وهو الشراب المشوب بالحميم. والثاني: أنه ذكر الطعام بتلك الكراهة والبشاعة، ثم ذكر الشراب بما هو أكره وأبشع، فجاء بثم للدلالة على تراخي حال الشراب عن حال الطعام ومباينة صفته لصفته في الزيادة عليه.