المفرغ لا يكون في المفعول المطلق التوكيدي، لعدم الفائدة فيها؛ وأجيب عن ذلك، بأن المصدر في الآية نوعي، على حذف الصفة، أي أن تظن إلا ظنا ضعيفا. لكن جمهور النحاة تأوّلوا الآية بمعنى: إن نحن إلا نظن ظنا، وقيل: هي في موضعها، لأن نظن قد تكون بمعنى العلم والشك، فاستثنى الشك: أي مالنا اعتقاد إلا الشك.
وقد أورد الامام النسفي قولا موجزا بهذا الصدد، فكان بليغا شافيا، فقال:
(إن نظن إلا ظنا) أصله نظن ظنا، ومعناه إثبات الظن فحسب، فأدخل حرف النفي والاستثناء، ليفاد إثبات الظن، مع نفي ما سواه، وازداد نفى ما سوى الظن توكيدا، بقوله تعالى بعد ذلك: {(وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)}. وعلى كلّ حال يبقى كلام الله عز وجل أكبر من أن ينحصر في قوالب القواعد النحوية، وأجلّ من أن نخضعه دائما لقوانين النحو، فهو الأصل، وما سواه فرع، وهو الحكم، وما سواه تبع له، وإنه ليعلو وما يعلى.