فن رائع في كلمة «ضيزى»، فقد يتساءل الجاهلون عن السر في استعمال كلمة «ضيزى»، وهي وحشية غير مأنوسة. في الواقع إن لاستعمال الألفاظ أسرارا، وهذه اللفظة التي استعملها القرآن الكريم، في استعمالها سرّ رائع، وهو أنه لا يسد غيرها مسدها، ألا ترى أن السورة كلها، التي هي سورة النجم، مسجوعة على حرف الياء، فقال تعالى:«وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى» وكذلك إلى آخر السورة، فلما ذكر الأصنام وقسمة الأولاد، وما كان يزعمه الكفار، قال ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى. فجاءت هذه اللفظة على الحرف المسجوع، الذي جاءت السورة جميعها عليه، وغيرها لا يسد مسدها، ولما كان الغرض تهجين قولهم، وتنفيذ قسمتهم، والتشنيع عليها، اختيرت لها لفظة مناسبة للتهجين والتشنيع، كأنما أشارت خساسة اللفظة إلى خساسة أفهامهم.
وهذا من أعجب ما ورد في القرآن الكريم من مطابقة الألفاظ لمقتضى الحال.
{أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنّى (٢٤) فَلِلّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥)}
الإعراب:
(أم) منقطعة بمعنى بل والهمزة التي للإنكار (للإنسان) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (ما) الموصول، والعائد محذوف (الفاء) تعليليّة (الله) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ (الآخرة)
جملة:«للإنسان ما تمنّى...» لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «تمنّى...» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) وجملة: «لله الآخرة...» لا محلّ لها تعليليّة
الصرف:
(تمنّى)، فيه إعلال بالقلب، أصله تمنّي، جاءت الياء متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا.