ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون، فيصدقوننا ويعلمون أنا قد خرجنا إلى سفر، وكان صالح لا ينام معهم في القرية، بل كان ينام في المسجد، فإذا أصبح أتاهم فوعظهم.
فلما دخلوا الغار أرادوا أن يخرجوا، فسقط عليهم الغار فقتلهم، فرأى ذلك الناس ممن كان قد اطلع على ذلك، فصاحوا في القرية: يا عباد الله، أما رضي صالح أن أمر بقتلهم أولادهم حتى قتلهم، فاجتمع أهل القرية على عقر الناقة.
وروي أن مسطعا، ألجأ الناقة إلى مضيق في شعب، فرماها بسهم، فأصاب رجلها فسقطت، ثم ضربها قدار، وقيل: إنه قال لا أعقرها حتى يرضوا أجمعين، فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقولون: أترضين؟ فتقول: نعم، وكذلك صبيانهم.
ولذلك ضرب ب «قدار» المثل في الشؤم. وفي ذلك يقول زهير:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم... وما هو عنها بالحديث المرجم
متى تبعثوها تبعثوها ذميمة... وتضر إذا ضريتموها فتضرم
فتعرككم عرك الرحى بثفالها... وتلقح كشافا ثم تنتج فتتئم
فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم
أي أنها تلدكم أبناء، كل واحد منهم يضاهي في الشؤم عاقر الناقة قدار بن سالف. وكان من حق زهير أن يقول: كأحمر ثمود ولكنه قال: كأحمر عاد. وبذلك جانبه الصواب، وجلّ من لا يخطئ.