فإن النبوة أعظم من الإسلام قطعا فيكون وصفهم به بعد وصفهم بها تنزيلا من الأعلى إلى الأدنى بل لتنويه شأن الصفة، فإن إبراز وصف في معرض مدح العظماء منبئ عن عظم قدر الوصف لا محالة كما في وصف الأنبياء بالصلاح ووصف الملائكة بالإيمان عليهم السلام ولذلك قيل: أوصاف الأشراف أشراف الأوصاف.
٢ - الالتفات: في قوله تعالى {فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَاخْشَوْنِ} فهو خطاب لرؤساء اليهود وعلمائهم بطريق الالتفات من التكلم الى الخطاب.
[الفوائد]
١ - تحكيم شريعة الله عز وجل أفادت هذه الآية بقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ} أفادت تحكيم شريعة الله عز وجل في قضايا الحياة وشؤونها وقد يعترض معترض فيقول: هناك أشياء كثيرة برزت في عصرنا لم تكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: إن شريعة الإسلام ليست جامدة وإنما هناك الاجتهاد والإجماع والقياس وهي مصادر من التشريع تكسب الشريعة حيوية واطرادا وتقدما يواجه جميع مشاكل الحياة في كل زمان ومكان.
٢ - هل شرع من قبلنا شرع لنا..
تناولت هذه الآية جانبا من أحكام التوراة في القصاص، وقد اختلف العلماء حول اعتبار شرع من قبلنا شرعا لنا أم لا فقد نقل عن أصحاب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وعن أحمد في إحدى الروايتين أن شرع من قبلنا شرع لنا بطريق الوحي لا من جهة كتبهم المبدلة واختار ابن الحاجب من المتأخرين هذا المذهب لكنه لم يعتبر فيه قيد الوحي، وهو الحق، وإلا لم يبق للنزاع معنى إذ لا ينكر أحد التزام النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي سواء من شرعه أم شرع من سواه وذهبت الأشاعرة والمعتزلة إلى المنع، وذلك اختيار الآمدي من المتأخرين ولكن الرأي الأول هو المعتمد وعليه جمهور العلماء. ويشترط أن لا يكون قد ورد في شرعنا ما يخالف هذا الشرع الذي نأخذ به.