في قوله تعالى {إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}.
الشرذمة هي الطائفة أو الجماعة القليلة. وكان يمكن الاكتفاء بها تعبيرا عن القلة، ولكنه وصفها بالقلة القليلة، زيادة في احتقارهم واستصغار شأنهم.
فقد قللهم من أربعة أوجه: عبّر عنهم بالشرذمة وهي تفيد القلة، ثم وصفهم بالقلة، وجمع وصفهم ليعلم أن كل ضرب منهم قليل، واختار جمع السلامة ليفيد القلة؛ وهناك وجه آخر في تقليلهم يكون خامسا: وهو أن جمع الصفة والموصوف منفرد، قد يكون مبالغة في لصوق ذلك الوصف بالموصوف وتناهيه فيه بالنسبة إلى غيره من الموصوفين به، كقولهم: معا زيد جياع، مبالغة في وصفه بالجوع، فكذلك هاهنا جمع قليلا وكان الأصل إفراده فيقال:
لشرذمة قليلة، كما أفرد في قوله «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ». ليدل بجمعه على تناهيهم في القلة.