ما انطوت عليه هذه الإشارات الخفية من دلالات كأنها أخذة السحر.
[الفوائد]
١ - متى ينقض العهد مع الكافرين؟ بينت هذه الآية حكما فقهيا، وهو جواز فسخ عقود الأمان مع الكفار، عند ما نخشى غدرهم وخيانتهم، كما فعل رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) مع بني قريظة والنضير عند ما بدت خيانتهم، كما يجب إعلامهم بذلك الفسخ، حتى لا يبقى لوم على المسلمين، أما إن غدروا وخانوا العهد فلا يشترط إعلامهم، كما حصل لكفار مكة عند ما نقضوا صلح الحديبية، فإن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) سار إليهم دون أن يعلمهم.
وقد ورد حديث بهذا الصدد يقول: عن سليم بن عامر عن رجل من حمير قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم ليقرب، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس وهو يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدرا، فإذا هو عمرو بن عنبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله فقال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يقول: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشدّ عقدة ولا يحلّها حتى ينقضي أجلها، أو ينبذ إليهم على سواء فرجع معاوية. أخرجه أبو داود والترمذي.
٢ - ما (الزائدة) ورد في هذه الآية قوله تعالى {وَإِمّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ} نحن هنا بصدد (إما) وهي مؤلفة من إن الشرطيّة وما الزائدة وقال النحويون: إنه في هذه الحال يجوز توكيد الفعل وعدم توكيده، ولكن أسلوب القرآن الكريم جرى على توكيده. وترد ما الزائدة في كثير من المواضع سنذكر أهمها:
١ - بعد إذا مثل قول الشاعر:
إذا ما الملك سام الناس خسفا... أبينا أن نقر الذل فينا
٢ - بعد بعض حروف الجر كالباء، مثل قوله تعالى:{فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ}.
وبعد عن، كقوله تعالى:{عَمّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ}.
٣ - وتزاد بين المتبوع ومتبوعه، كقوله تعالى:{مَثَلاً ما بَعُوضَةً} قال الزجاج: