المفعول الثاني: هنا نكتة حسنة، وهي إفادة الحصر، فإن الكلام-قبل دخول (أرأيت-واتخذ) -الأصل فيه هواه إلهه، على أن هواه مبتدأ خبره إلهه، فإذا قيل:
إلهه هواه، كان من تقديم الخبر على المبتدأ، وهو يفيد الحصر، فيكون معنى الآية حينئذ: أرأيت من لم يتخذ معبوده إلا هواه، وذلك أبلغ في ذمه وتوبيخه.
٢ - التمثيل: في قوله تعالى {إِنْ هُمْ إِلاّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}.
يتخلص هذا الفن، في أن يريد المتكلم معنى، فلا يعبر عنه بلفظه الخاص، ولا بلفظي الإشارة، ولا الإرداف، بل بلفظ هو أبعد من لفظ الإرداف قليلا، يصلح أن يكون مثلا للّفظ الخاص، لأن المثل لا يشبه المثل من كل الوجوه، ولو تماثل المثلان من كل الوجوه لا تحدا.
ومن التمثيل أيضا نوع آخر، ذهب إليه من جاء بعد قدامة، وهو أن يذكر الشيء ليكون مثالا للمعنى المراد، وإن كان معناه ولفظه غير المعنى المراد ولفظه، كأنهم لثبوتهم على الضلالة بمنزلة الأنعام والبهائم بل أضل سبيلا، لأن البهائم تنقاد لمن يتعهدها، وتميز من يحسن إليها ممن يسيء إليها، أما هؤلاء فقد أسفّوا إلى أبعد من هذا الدرك.
[الفوائد]
- حسب هي من أفعال القلوب، وتفيد في الخبر الرجحان واليقين، والغالب كونها للرجحان. وتنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر.
أ-مثال الرجحان قول زفر بن الحارث الكلابي:
وكنا حسبنا كل بيضاء شحمة... ليالي لاقينا جذام وحميرا
ب-مثال اليقين: قول لبيد العامري:
حسبت التقى والجود خير تجاره... رباحا إذا ما المرء أصبح ثافلا