١ - قوله تعالى:{إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ} إنما: تعرب كافة ومكفوفة لأن (ما) إذا دخلت على إن وأخواتها فإنها تكفها على العمل، ويعرب ما بعدها مبتدأ وخبرا. ويمكن أن يليها الفعل كقوله تعالى:{إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ}. أما ليت فإذا دخلت عليها (ما) فيجوز إعمالها ويجوز إهمالها، لأنه لا يليها الفعل وعلى هذا جوز النحويون الرفع والنصب في كلمة الحمام الواردة في بيت النابغة، إنها بدل من هذا بقوله:
قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا.
أما من ناحية المعنى فتفيد الحصر كقوله تعالى:{إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ}. ويجب الانتباه والتفريق بين ما الكافة وما الموصولة بمعنى الذي. فما الكافة تكتب موصولة بإن وأخواتها، أمّا ما الموصولة فتكتب مفصولة عنها ولا تكفها عن العمل، كقوله تعالى:
{إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ}.
٢ - جزاء المفسدين في الأرض أو: في هذه الآية للبيان، وليست للتخيير. وهي الرواية الثانية عن ابن عباس وهو قول أكثر العلماء، لأن الأحكام تختلف، فترتّبت هذه العقوبات على ترتيب الجرائم وهذا كما روي عن ابن عباس في قطاع الطريق قال: إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف (أي مختلفة) فتقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، وإذا أخافوا السبيل ولم يقتلوا ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض. وهذا قول قتادة والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. واختلفوا في كيفية الصلب. فقيل يصلب حيا ثم يطعن في بطنه برمح حتى يموت. قال الشافعي: يقتل أولا ويصلى عليه ثم يصلب على الطريق في ممر الناس ليكون ذلك زاجرا لغيره. واختلفوا في تفسير النفي من الأرض فقيل إن الإمام يطلبهم ففي كل بلد وجدوا نفوا عنه، وهو قول سعيد بن جبير وعمر ابن عبد العزيز. وقيل يطلبون حتى تقام عليهم الحدود، وهو قول ابن عباس والليث والشافعي. وقال أبو حنيفة وأهل الكوفة: النفي هو الحبس. لأن السجن انقطاع عن