الأصل في الهمزة أنها حرف للاستفهام كقولنا:(أأنت فعلت هذا؟) ولكنها قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي، فترد لثمانية معان:
١ - التسوية: وربما توهم أن المراد بها الهمزة الواقعة بعد كلمة سواء، وليس كذلك، بل كما تقع بعدها تقع بعد:
(ما أبالي) و (ما أدري) و (ليت شعري) ونحوهن والضابط أنها الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها.
كقوله تعالى:{سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} ونحو (ما أبالي أقمت أم قعدت) والتأويل (سواء عليهم الاستغفار وعدمه) و (ما أبالي بقيامك أو قعودك).
٢ - الإنكار الإبطالي: وهذه تقتضي أن ما بعدها غير واقع، وأن مدّعيه كاذب، نحو قوله تعالى في الآية التي نحن بصددها {أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}{أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً} ومن جهة إفادة هذه الهمزة نفي ما بعدها، لزم ثبوته إن كان منفيا، لأن نفي النفي إثبات، ومنه قوله تعالى:{أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ}{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}. ومنه قول جرير في عبد الملك بن مروان.
ألستم خير من ركب المطايا... وأندى العالمين بطون راح
وقيل: هو أمدح بيت قالته العرب، ولو كان على الاستفهام الحقيقي، لم يكن مدحا البتة.
٣ - الإنكار التوبيخي: فيقتضي أن ما بعدها واقع، وأن فاعله ملوم، كقوله تعالى:{أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ}{أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ}{أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ}.
٤ - التقرير: ومعناه حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده ثبوته أو نفيه ويجب أن يليها الشيء الذي تقرره به، تقول في التقرير بالفعل: