روى البخاري ومسلم والترمذي، عن عبد الله قال: بينا أنا مع النبي /صلّى الله عليه وسلّم/في حرث وهو متكئ على عسيب إذ مرّ به اليهود، فقال بعضهم لبعض:
سلوه عن الروح. فقال: ما رابكم إليه؟ وقال بعضهم لا يستقبلنكم بشيء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي/صلّى الله عليه وسلّم/فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال:
ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي.. إلخ. وقد اختلف الناس في الروح المسؤول عنه.. فذهبوا بذلك مذاهب. الذي نرتاح إليه ما ذهب إليه أهل التأويل:
أنهم سألوه عن الروح الذي يكون به حياة الجسد؛ وقال أهل النظر منهم: انما سألوه عن كيفية الروح ومسلكه في بدن الإنسان، وكيفيّة امتزاجه بالجسم واتصال الحياة به. وهذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل، وهكذا ليعرف الإنسان عجزه عن معرفة حقيقة نفسه مع العلم بوجودها.
وحكمة ذلك، تعجيز العقل عن معرفة مخلوق مجاور له، دلالة على أنه عن معرفة خالقه أعجز..